هو دفتر متوسط الحجم أزرق الغلافَيْن، أكل الزمن إحداهما وشق أواخر ورقاته .. طيب وبعدين .. لا بد من طريقة احتفظ بها بشذرات نفسي؟!
كنتُ قد كتبتُ يوماً خاطرة في منتهى الروعة أصف واُحلل فيها تفاصيل أغنية " قارئة الفنجان ". منذ بدايتها حتى النهاية. سكناتها وغضباتها، شكوى الصبُّ ووصايا الفنجان. سكبتُ الموسيقى سكْباً على خطوط السطور. دبَبْتُ في كل نوتة حياة وهبتُها من روحي وكَسَوْتُها جسد الغواني وألبستُها حُلْة عرائس البحر. كان مخاضها عسيراً منتفضاً متسارعاً.
ولشدة خوفي عليها حفظتها في كمبيوتري.
وبدون سابق إنذار. تمرد فرانكشتاين على سيده وذهب كمبيوتري إلى عدمه ومعه اُغنيتي العزيزة و باقي كنوز العمر المدفونة فيه. ذهبَتْ رقصاتي المكتوبة ولن تعود، ولم ينفعني كل مهندسي الكمبيوتر لاسترداد هذا الملف على الأقل.
ومنذ ذلك الحين وأنا أستعطف واستسمح سموه الكريم أن يغفر لي، كل يوم أزور خدره واتفحصه وأتلمًّسَه بيداي فأحتضنه ثم أرده إلى خدره .. سامحني يا ورق.
لكني إنسان، بطبعي اُحب مُتَلَهِّف متطور. ووالله لستُ أرمي الحجر في بئر الماء بعد ارتواء، لكني أتفاعل، وأنا بنت الأصول، فمازال الورق في درج المكتب وأعوده كل عَوْد. حتى اهتديتُ إلى التدوين، وهذه المرة علي أن أتعلم أنه ليس حصن أمين أيضاً. بعد ذاك اليوم، كل الكلام الذي أكتبْ أحبسه في سرداب النوادر والاُقْصوُصات.
No comments:
Post a Comment