November 14, 2007

البحر

العام: 97م
المكان: الساحل الشمالي – مصر
الصورة: ذهول لفّني، كانت أول مرة ألتقي بهذا الأمير المختبئ هناك

"أيا ذاك الفيروزي المتراقص أمامي ..
ما أروعك
تسحرني
تصهرني
أمواجك الحريرية تحتضن وجع النوى وترحل به بعيداً
إلى اللاعودة .. إلى حدودك اللانهائية
لتترك روحي فراشة محلقة
بعيداً عن الحدود الخانقة، بعيداً إلى أعماقي


آهٍ منها تلك الأمواج
تسابقتْ الواحدة تلو الأخرى
تخبرني قصة وترحل .. دون أن ترحل
موجة أبكتْني قصتها وأخرى أسعدتْني
آلاف القصص ترامت تحت قدمي
باحت لي عن سر كنوزها الكامنة داخلها وعن سر هذه الحياة
عاتبَتْ أمسي .. داعبَتْ غدي
مسحت لي دمعة .. ورسمتْ ابتسامة

ربَّاه من نشوة قبلات هذه النسمات
وآه من عناقها السرمدي

قد تملَّكَني ذاك الثائر الهادئ .. ذاك الصامت الثرثار

لماذا أتجرد مني كلما كان لنا لقاء؟
لماذا تتمايل أدمعي أمام عالمك.

هل لأنك قرأتَ الصمت الحائر في عيناي
هل لأنك تحديتَ قلعتي الشاهقة

واقتحمتَ مكنوناتها الرقيقة؟
.. وعرفتَ من أين تجمَح هذه الفرسة؟

أم بسبب ذاك الناي الحزين الشاكي أمامي
أم لأن مياهك أزاحتْ غبار الحياة عن وجهي الصغير

لماذا ينتهي لقاؤنا بسرعة العمر
لماذا أرحل عنك رغم الحب
لماذا تملكتني وتركتني أهيم بعيداً

أجبني، عانق الحنايا وأجب ..
اكسر صمتك وثرثر كأمواجك
اجبني يا معشوقي
إلاما صمتك أيها البحر ..
إلاما ؟

بيروت 1

في ميني باص ملئ بالناس .. ذاهب إلى حيث الناس يرحلون
لم يكن أمامي سوى أن أحفر رأسي في زجاج النافذة، تقودني كلماتي إلى حيث نقرأ الآن ..

"أيا مدينتي الصغيرة ..
سأتركك اليوم .. كما كل يوم
وأعود .. لألتقي بك غداً .. كما كل غد


سائلتُ نفسي وأنا أجوب طرقاتك العتيقة الجديدة


لما أتركك كل يوم لألقاك في كل غد؟
لماذا أحبك كل هذا الحب؟؟

لماذا لا تحبيني بكل هذا القدر؟!


لماذا لم تزل تهدهدني تواشيحك، وبخور يوم الجمعة،
وحَكْيات ستي ع الترويقة،
ونهفات خالتي ع العصرونية،
وفيروز، تلك التي تلقتني قبل حضن أمي
وميجاناتك التي اعتقدَتها الصغيرة عصافير تغني 
وجدي الذي يلتصق وجهه في وجهي أينما ذهبتُ
يبتسم، فأبتسم، وتهون كل الدنيا، ويختفي ضبابها من حولي
والليرة التي كان يعطيني إياها بعد قُبلَة
فأبتسم، أفرح، أختبيئ وأتأملها، ثروة هطلت علي من سماء بيروت
فحطت على يد شيخ جليل هو جدي، ثم استقرت في قلبي


إلى أين أبتعد؟ إلى صحراء تثكلني؟ أم إلى عدم يأكلني؟
لماذا يجب أن أبتعد؟ ألستُ ابنتك؟ أوَليس لك حضن، يا بيروت؟
هل تردي علي؟ أو تردي دمعي؟
 هلاّ أجبتي؟ أوَ لا تسمعيني؟

لي الله يا بيروت بعدك .. لي الله
...."

LA96

يبقى الرحيل

في الغد القريب رحيلي عن هذه المدينةوكلما اقترب موعد الرحيل اقتربتْ لحظة مولدي


سأتركها وبداخلي ظلام ليلها الكاحل .. ينذرني بعدم العودة
سأتركها وقضبانها الحديدية التي كثيراً ما خنَقَتْ أحلى أيام العمر ..


أتركها وقضبانها تلتهم خطوات الفرار إلى العمر الآتي
سأتركها وأنا احتضن السعادة التي سرقتُها من حياتي
سأتركها وزهرة وحيدة ندية تعانقها الحنايا .. هي أنت .. ذاهبة معي

قبل أن أغادر أسطر هذه المدينة وبعد أن قلَبتُ آخر صفحة فيها .. 

وعدتُ نفسي بأن لا أعذب ذلك القلب بما لايطيقه وكفاه ما عاناه ..
فلن يستطيع إنسان الوصول إلى اللانهاية حيث مشاعري تنام هانئة هادئة عند تلك الحدود

LA98

ريشة وباب قفص

ذاك طائرٌ قد علا حراً وارتفع
يأتي ويذهب والأنظار إليه تطلِع
كل يقول لنفسه في نفسه
ليتنا هذا الطير في حريته
وما علموا
أنه ما جاء ولا غدا
إلا صارخاً من أنَّاتِ وجع
وما من مستمع

فكم من حرية للجسد والروح مقيدة
وكم حبيس سجن بحريته تمتَّع

LA92

اسمي؟

اسمي؟
ما نفع الأسماء! 

 اسمي هو كل الأسماء .. وعند كل الأماكن

تجده متسللاً مع ضوء القمر .. منساباً مع غناء الوتر
مهاجراً مع أسراب الطيور .. متراقصاً بين موجات البحر

بين أسطر القصائد ونبضات الحنين يختبئ اسمي

عند ضم الورد لنسمات الصبح الشاردة
عند لثم الشفاه لقبلة ماردة

عند عناق النغمة لخفوق الفؤاد وإحساسه
عندما يثور في الخلد جور الهوى وأنفاسه

عند ترنيمة طفل ونظرات صبية
عند صفو الشتاء .. وضحكات الربيع .. وسبات الخريف .. وفرحة الصيف

فهل عرفتَ اسمي؟ .. وهل رأتني عيناك يوماً؟!


LA 92

خلف ستار السَّحَر

آسفة .. سأرحل
عند ناصية ذاك الزحام سنفترق
وبعد استنزاف آخر نظرة وداع بيننا ، سأذهب إلى ذلك الضباب الكثيف لأصب جام غضبي على هذه الدنيا
وتذهب أنت بكل سكونك وتأخذ معك ما تبقى من تلك الصبية
لكن ..
عند تعب المسافات
هناك عند محطات الوقوف والتأمل
أنظُرُ فيها خلفي .. وأسترِقُ من ذاكرتي كلماتك لي،  واختناق الدمع
استيقظ على نار أدمعي المتساقطة الساخطة الثائرة
لتعلمني بأوان استكمال المسير .. ثم ..
اكمل رحلتي الضبابية .. وأمشي بين زحام الأماكن ومتاهة الأيام
بخطى متثاقلة وابتسامة ملؤها السخرية والحزن
وضحكٌ حتى العويل

أعدك ..
بأن شيئاً جميلاً سيبقى بداخلي ولن تطمث معالمه مهما عبثتْ رياح الزمن
فقط آن الأوان لكي أحطم تلك الزجاجة وأخرج إلى حرية السجن الأكبر
آن الأوان لأن أنتقم من قسوة الماضي .. وأواجه عناد القادم
آن الأوان كي أكون أنا وليس أحداً آخر

وآخر الكلام
لم يكن يستحق ذاك القمر المكوث أمامه لساعات كأنها العمر
عد إلى محرابك واقفل النافذة .. ولا تسمح لضوءه أن يتسلل إلى حجرات قلبك مرة أخرى
فهو قد .. رحل

LA94

November 3, 2007

مملكة البنفسج




بحر من بنفسج وطيور من نور تبارك للعروس حفلها


يركع خلفها وشاح ظلها المتبختر، أشمسها المضيئة .. أم هي عين الشمس؟ ..


أوَ لو أغمضت الشمس جفونها هل ستأبه الحسناء المتأنقة؟


يحرسك شعب البنفسج قدماً .. لأرض الزمرد..وسوار العشب ذاك كدمىً ندية تحمل فوق جبينها شعلات من ضحكات الشمس ..


وعرشك الأصفر خادم مطيع بزخرف من ليمون وعشب ..


أهو عرسك القادم مع ألغاز السحر .. أم تتأهبين لترنيمة صباح لم يزر أرضنا مثلها!


أيا بهية الطلة .. شهية القسمات ..


وخصلات الهواء تداعب نسائم الحرير تغنجاً ودلالاً مترنحة على أكتافك.


 كيف لي أن أصفك لأحفادي في غدٍ .. وأين لريشةٍ أن تتعلم رقص الوريقات مع غفير الهواء..؟


بلغي سلامي لمن حظي بصحبةٍ وقولي له عني ..


والله إنك لم تخلق من طين (!!) ..