Showing posts with label مع فنجان القهوة. Show all posts
Showing posts with label مع فنجان القهوة. Show all posts

December 28, 2011

أجمل الموسيقى اللُغة المُعَتَّقة







كنتُ تمنّيت ذات مرّة لو أستطيع غسل اللغة و تنظيفها بعد استخدامها. لكنْ لا، كنت مخطئًا و ساذجًا.

أيّ مُتعةٍ في استخدام لُغةٍ "نظيفةٍ و مُعَطّرة و جافّة " ؟ 

اللغة الأروع، هي تلك المُعَفّرَة بالتراب، المُهَلْهَلَة من كثرة الاستخدام، المَعروضة للعموم منذ قرونٍ و قرون، مثل سُلالةٍ مِنْ بَناتِ الهوى، العتيقة المُعَتَّقة، التي تفوح منها رائحة الرطوبة، رائحة الزمان و المكان، لتنشر في أرجاء عقلك، معانٍ عديدةٍ و عميقةٍ لجُملةٍ واحدة، اللغة "المَنقوعة" بالشتائم و بالكلام الجميل و التافه، الحكيم و البذيء، معًا، منذ آلاف السنين. اللغة "العاهرة"، لكثرة تَلَوِّيها و تَلوّنها و خبرتها، اللغة التي تشعر حيالها أنها مسقط رأس كلّ معنى يمكن أن يصلك.

اللغة النظيفة الأنيقة هي "لغةٌ أجنبيّةٌ" لا رَيب، أو "دبلوماسيّة"، خالية من كلّ أشكال
الحياة.

انظر إلى معظم تَرجَمات الشِّعر كم هي نصوص نظيفةٌ و جافّة، و لا تكاد تبرح أن تكون قميصًا خارجيًّا، أو سطحيًّا أنيقًا لقصيدةٍ أصليّة كُتبَتْ بلغةٍ ظلَّتْ معانيها نائية عن خيال القارئ الجديد الغريب عن الأصل. الغريب عن موسيقا اللغة.
الموسيقا، التراث الموسيقي اللغوي.

بين قصيدة مُتَرجَمة لبوشكين العظيم، لم يترجمها شاعر فحل، و بين أغنية "جيب المجوز يا عبّود"، أختار الأخيرة.


***

حسناً، أنهيتُ القراءة الآن. كنتُ أحمل فنجان قهوتي اُبادِلُه مع هذه الدُّرَر رشفة ورشفة. غُصْتُ في الكلام وبردت قهوتي المهجورة .. سأعاود الكَرّة .. فهي تجربة تحف بالمَلَذّات ..

صديقي جو غانم .. كلما أمطرنا بكتاباته نتحول إلى رذاذ بارد هائم يبحث له عن غيمة .. لا حُرِمنا عبيرك يا رجل 



June 21, 2011

من هو السعودي المعاصِر؟



بهدوء شديد .. وصراحة صارخة يقدم سعيد الوهابي تعريفاً للسعودي المعاصِر - وإن كان برؤيته - إلا أنه التقط صورة محترفة جداً وحقيقية جداً للمنظر الطبيعي كما هو

**********

من هو السعودي المعاصِر؟
- سعيد الوهابي -



أقصد بالسعودي هنا هو المواطن الذي يتراوح عمره بين 20 و 45 سنة , قد يكون موظف بيروقراطي بالمرتبة الثامنة في وزارة الإسكان , قد يكون رقيب في الشرطة … في الصباح فقط , قد تكون معيدة مبتدئة نحيلة في كلية التربية وتفكر دوماً بإكمال دراستها في الخارج وتشعر أن هذا الأمر مستحيل لعدة أسباب يطول شرحها , قد يكون معلم متدين يعمل على المستوى الخامس في مدرسة الإمام الغزالي المتوسطة ولا يشعر هذا المعلم بأي قيمة تربوية أو وطنية فيما يقوم به فعلاً ويشعر بالحقد الأبدي ضد كل وزراء التربية في الشرق الأوسط , وقد يكون عاطل عن العمل ولديه بوفية صغيرة وأغلب دخله يكون من والده ( الأب لديه سكسوكة كبيرة غير متوازية الأضلاع ومصبوغة بالأسود ) الذي يعمل بوظيفة خوي لدى الأمير سلطان مثلاً , قد يكون طالب في كلية العلوم ( تخصص أحياء ) ويفكر دوماً في التحويل إلى كلية الحاسبات , قد تكون خريجة إفتصاد منزلي ومتزوجة وكُتب في عقد النكاح أن يسمح لها زوجها بالعمل ولكن عمرها الآن تجاوز الثلاثين وهي مجرد ربة منزل عظيمة , قد يكون من أوائل الخريجين من كلية المجتمع قبل 11 سنة ويعمل على إستقدام العمالة بعقود مقاولات وهمية ليتاجر بهم , قد تكون ممرضة تخرجت من الكلية الصحية بتقدير ممتاز وتذهب إلى المجمعات التجارية بحذاء رياضية من ماركة ( نايك ) وتعتقد أن قمة التحرر الإجتماعي هو أن تضع ساق على الأخرى وهي تجلس أمام المحلات تنتظر فتحها ( أقصد المحلات ) بعد صلاة العشاء , هؤلاء الذين يقفون أقصر مما ينبغي بسيارات الكامري أمام الإشارات المرورية في كل الاوقات تقريباً ولا نلحضهم نحن المثقفون لأننا أصبحنا نتطلع إلى هواتفنا الذكية بدلاً من مراقبة هذه الوجوه العادية المسطحة الخالية من التعابير ومن الجلال , العاديون الذين يحرصون على حضور المناسبات الإجتماعية ولكن يحرصون على عملهم أكثر وعلى أبنائهم أكثر وأكثر , السعوديون المعاصرون الذين يعتقدون مهما أختلف مستوى تعليمهم وثقافتهم على أهمية العلم في صياغة مستقبل جيد لهؤلاء الأبناء , العاديون المعاصرون من الطبقة المتوسطة الذين يٌقال أنهم الأغلبية الصامتة سأحاول تعريفهم للأقلية النخبة التي تقرأني الآن.

May 31, 2011

الدين المشوّه والحاجة إلى ثورة تربوية فقهية



هذا المقال في هذا الوقت تحديداً .. قمة الاحتياج للصحوة والتغيير
مع / يحي الرخاوي

***

فشلت العلمانية فى تهميش حركية الإيمان وكذلك فى إنكار حضور الله فى وعى البشر كيانا محوريا جوهريا لازما ليكون «الإنسان إنسانا». ومع ذلك فيبدو أنها قد نجحت فى التخلص من وصاية السلطة الدينية واحتكارها التحكم فى حياة البشر نيابة عن الله سبحانه وتعالى، لكن يبدو أنها وهى تتخلص من هذه السلطة، كادت تتخلص من الدين والإيمان معا، وكأنها ألقت السلة الخانقة الشائكة بالطفل الذى بداخلها.

على الجانب الآخر فشلت السلطة الدينية فى استعمال الدين استعمالا صحيحا، فاستخدمته غالبا لغير ما أُنزل له حفزا لحركية الإبداع كدحا إلى وجه الحق تعالى، دفعا بالإنسان نحو مزيد من الرقى والتحضر، ومازالت معظم السلطات الدينية تقدم تفسيراتها المغلقة، فى الحكم وغير الحكم، لتحل محل الاستلهام المتجدد للنصوص الإلهية الباعثة على الإبداع والحياة، فكانت النتيجة أن ابتعد عامة الناس عن الإيمان الحقيقى لحساب محتكرى التفسير، فالتحكم فى البشر من دون الله.

■ ما العمل؟

نحن نحتاج إلى ثورة توقف مسلسل التناقض الذى يصل إلى أولادنا طول الوقت حين نبلغهم أن الله سبحانه سيذهب بأحدنا دون الآخر إلى النار، وفى نفس الوقت يشاهدوننا ونحن نحضن بعضنا بعضا، وندعى منتهى «المواطنة»!!

نحن نحتاج فعلا إلى ثورة فقهية /لاهوتية تربوية تحول دون هذا العبث السطحى. نحتاج أن نفتح الباب للتنقل بين الأديان، فلا نُعْدِمُ مسلما دخل المسيحية أو حتى ألْحَدَ، (بعد أن أفتى عدد من الثقات بذلك) كما نحتاج ألا نحبس مسيحية أسلمت، فكل هذه التنقلات قد تكون مراحل جهاد رائع كدحا إلى وجه الله تعالى، وهو العدل الغفور الرحيم، وبغير هذه الثورة سوف يظل أطفالنا يسخرون منا ونحن نحضن بعضنا بعضا وكل منا يجهز جهنمه للعزيز القابع فى حضنه!

سوف أدع جانبا الآن الأزمة الأخيرة فى إمبابة فهى أزمة واردة ومكررة، إذ غالبا لن تمضى أيام أو أسابيع، ويحب واحد مصرى واحدة مصرية، أو العكس، أو يختلف زوجان مسيحيان مثل كل أزواج الدنيا، أو تطلق شائعة خبيثة هنا، أو هناك، فتشتعل النار من جديد، ويعاد السيناريو نفسه وتتوزع الاتهامات من أول اتهام الأمن بأنه يلهى الناس عن مصائب أخطر، حتى اتهام الثورة المضادة بأنها تريد أن تخربها لتعود وتجلس على تلها، مرورا باتهام أيد أجنبية باللعب فى الوحدة الوطنية لتفرق هذا الشعب الرحيم الصبور عن بعضه البعض.

■ لماذا يتكرر هذا السيناريو بكل هذا القبح وتلك المخاطر قبل 25 يناير وبعد 25 يناير؟

نعم نحن نحضن بعضنا بعضا جدا جدا بعد كل أزمة، وترتفع الهتافات صادقة فعلا خصوصا بعد التلاحم فى ميدان التحرير، لكن السيناريو يتكرر وسوف يتكرر.

كل هذا- مرة أخرى- يدعونا ألا نكتفى بالتقليد الأعمى تحت شعار يسمى «المواطنة هى الحل»، وأيضا ألا نرضى بمجرد الهرب النعامى الأسهل (إلغاء خانة الدين من الهوية).

إن ما لجأ إليه أغلب الشمال والغرب، مع التجاوز عن نكسة أمريكا الأصولية، هو نتيجة تنحية الدين جانبا بما شمل الكدح الإيمانى إلى وجه الله. الحل الذى اضطر إليه الغرب والشمال فى مواجهة السلطة الدينية أدى إلى استبعاد هذا الأصل «البيووجودى» الدافع إلى الوصل الأسمى، من الحضور فى الوعى البشرى المعاصر، عبر حركية الإيمان، مع التذكرة بأن الأديان على اختلافها ليست مرادفة للإيمان بشكل مباشر حتى بنص القرآن الكريم (وأعتقد أنه يوجد نص يقابله فى أصول كل دين) «قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِى قُلُوبِكُمْ». الذى حدث أنه حين اختلطت السلطة الدينية بالسلطة السياسية والسلطة المالية، أزيح الدين الصحيح، وبالمرة الإيمان، بعيدا عن الحضور الظاهر، وعن الدفع القادر، وعن الإبداع الغامر.

وقد تم ذلك بطرق مختلفة مثلما يلى:

أولا: تم إلغاء الدين تماما باعتباره مخدرا ميتافيزيقيا معطلا (حول الفترة الستالينية والشيوعية التقليدية).

ثانيا: سمحوا باستعمال الدين- بعض الوقت- كمسكِّن عند الحاجة، وأحيانا من باب الوقاية من القلق والتوتر وما شابه، وبمثابة احتفالية اجتماعية!

ثالثا: اشترط أن يكون هذا الاستعمال- غالبا- بصورة شخصية تماما ويستحسن أن تكون سرية أيضا.

أعتقد أن هذا التوجه (فيما عدا البند الأول تحريم التدين) هو الذى يروّج له عندنا حاليا تحت مسمى العلمانية، واسمها الحركى: «الدولة المدنية» واسم التدليل «المواطنة»!

برغم هذا الحل السعيد فقد راح بعضهم يستعمل الدين لأغراض أخبث وإليكم بعض عينات ذلك:

1- استعمال الدين تبريرا للاستيلاء على أوطان الغير ولا مانع من قتل الأطفال والأبرياء وهدم البيوت استباقا (إسرائيل) ابتغاء مرضاة نصوص لم يفسرها إلا الطمع والإغارة القاتلة.

2- استعمال الدين بطريقة أخفى للحصول على أصوات انتخابية بشكل أو بآخر.

3- استعمال الدين تبريراً لما يسمى صراع الحضارات.

4- استعمال الدين تصنيفاً للإرهابيين عند اللزوم.... إلخ

أما عندنا، فعلى الرغم من أننا لم ننجح فى تهميش الدين مثلهم- ربما لأسباب تاريخية وحاضرة- فإننا قزّمناه، وضيقنا عليه الخناق، وجمّدناه، وشوهناه وأضفنا إلى بعض الاستعمالات السلبية السابقة ما نتميز به مثل:

1- استعمال الدين كوسيلة للتربح أو الاحتكار الدنيوى جدا.

2- استعمال الدين- تعسفا - لتفسير بعض العلوم والمعلومات.

3- استعمال الدين كوسيلة لقهر ووأد الإبداع.

4- استعمال الدين كوسيلة للاستيلاء على السلطة السياسية.

دعونا نعترف بأنه لا الحلّ العلمانى استطاع أن ينتزع الدين من الوعى البشرى، وإن كان قد نجح فى إبعاد السلطة الدينية ولا الحلّ التسطيحى المغترب قد نجح فى أن يحقق ما أراده ربنا بإثراء عمق الوجود البشرى بحركية الإيمان إلى وجهه تعالى.

■ فما العمل؟

هذه الثورة التربوية الفقهية التى أحلم بها ربما تسمح لنا بأن‏ ‏نعيش‏ ‏أزمة‏ ‏التحدى ‏المعاصر‏، ‏ونحن‏ ‏نجدد إيماننا‏ ‏باستلهامات‏ ‏إبداعية، ‏بدلا من‏ ‏أن‏ ‏نجمد‏ ‏تديننا‏ ‏بتفسيرات‏ ‏انتهى ‏عمرها‏ ‏الافتراضى‏، ‏حيث لم تعد تسمح لنا ‏ ‏بالنهل‏ ‏من‏ ‏كل‏ ‏مناهل‏ ‏المعرفة‏ ‏إلا فى حدود وصاية فوقية ما أنزل الله بها من سلطان.

إن الحياة البشرية تختلف اختلافا جذريا إذا دارت حول‏ ‏مقولة‏ «إن‏ ‏الله‏ ‏موجود»، بالداخل والخارج، من حبل الوريد إلى مطلق كرسيه تعالى، ‏أعنى محورية قيمة‏ ‏التوحيد‏ ‏أصل‏ ‏الأديان‏، ‏وهى ‏مقولة‏ ‏إذا‏ ‏حضرت‏ ‏فى ‏الوعى البشرى ‏تجلت‏ ‏فى ‏كل‏ ‏نبض‏ ‏الحياة‏ ‏اليومية‏ بعيدا عن التركيز على السلطة والحكم والمال.

التساؤل الذى أنهى به هذه المقدمة يقول: إذا كان الدين والإيمان هو بكل هذا الحضور فى وعينا، فما السبيل للتدريب على‏ حضور‏ ‏الله‏ ‏فى ‏الوعى‏ بما يسمح بتميزنا، ويطلق إبداعنا وهو يتجلى ‏فى ‏الفعل‏ ‏اليومى،‏ ‏حين يصبح‏ ‏الإسلام، ‏وغير‏ ‏الإسلام‏، ‏دينا‏، ‏وفنا، ‏ونوعية‏ ‏حياة‏، ‏ونبض‏ ‏خلايا‏، ‏وأنفاس‏ ‏طبيعة‏، ‏وكل‏ ‏ما‏ ‏هو‏ «ربى ‏كما‏ ‏خلقتنى»، دون أن تزحف السلطة الدينية مع قشور الدين لتستولى على مقاليد الأمور على حساب الإيمان والإبداع وحضور الله فى الوعى البشرى.

الثورة التربوية الفقهية الإبداعية هى التى يمكن أن تحول دون الكذب، وتنقى الأحضان من لفح جحيم جهنم حتى تعود بالإنسان إلى ما خلقه الله به.

March 23, 2011

أين الشعب؟


مقال خفيف الظل مترامي الأبعاد تقدمه أكاديمية التغيير بقلم وائل عادل

***

أين الشعب
بقلم: وائل عادل


سألت أحد قاطني الأحياء الفقيرة، في رأيك هل سيحدث التغيير؟ أجابني هذا شعب لا فائدة منه، قابلت بعض الطلبة، سألتهم نفس السؤال، فحصدت الإجابة نفسها.. ذهب إلى الأمهات في البيوت .. فلم تختلف الإجابة.. ذهبت إلى كل مكان... أبحث عن الشعب.. الكل يتحدث عن طرف غائب يدعى الشعب... بدأت أسأل الناس في الشوارع كالمجنون.. يا أستاذ.. هل أنت الشعب؟ يا أخت.. هل أنتِ الشعب؟! كاد عقلي يطير.. هل خدعونا منذ طفولتنا وحدثونا عن شخصية وهمية تُدعى الشعب؟ هل رددوا أمامنا كلمة الشعب لنشعر بالعجز وخيبة الأمل؟! هل فكرة الشعب أصلاً طعم لقتل أمل التغيير في الناس؟! فقد ولدت وداخل رأسي فكرة تصرخ بصوت يتردد صداه في جنبات عقلي.. "الشعب لا يمكن أن يتحرك"!!

أدركت أن الشعب لا يمكن أن يتحرك.. لأنه لا يوجد ما يسمى بالشعب.. فكيف يتحرك كائن وهمي لا وجود له نسجه خيالنا لينسب إليه كل خلل... لا يوجد شيء يسمى الشعب... يوجد أنا وأنت فقط.. فإن كنت أنت مقتنع بالتغيير وأنا كذلك.. فأين المشكلة إذن.. ازددت حيرة .. قلت بالتأكيد الجواب عند أهل الفكر.. كيف لم أمر عليهم؟!

ذهبت إلى بعض أهل الفكر، قلت لهم: سمعت أن الشعب لن يحدث التغيير، أريد أن أسألكم بحكم خبرتكم.. أين أجد هذا الشعب؟! أريد أن أسأله بنفسي.. قالوا لي الشعب لا فائدة فيه، الشعب منذ مطلع التاريخ شعب خانع غبي، قلت لهم لا أسألكم عن صفته .. أسألكم عن مكانه.. أين الشعب؟ هؤلاء الذين تنعتونهم بالغباء.. أين هم؟ من تعنون بالضبط؟ وما موقعكم منهم؟ هل أنتم الشعب؟ أنا أبحث عن الشعب وتلفت قدماي من السير.. أجابوني: نحن جزء من الشعب..
قلت لهم: وأين بقيتكم؟! وإن كنتم أنتم جزءاً، فأي جزء منه، رأسه أم مؤخرته؟! واضح أنكم شيء بارز فيه لا أدري طبيعته!!

قلت هذه الجملة بسخرية.. بمرارة.. ثم فجأة.. لمعت عيناي.. فقد أتتني الإجابة حبواً.. نظرت لهم مجدداً.. قلت في نفسي.. هل هم مؤخرته.. أم رأسه؟! خرجت سعيداً جداً..
فالشعب موجود وليس موجوداً، أجزاؤه موجودة، لكنها في صندوقها لم تخرج أو تركب بعد، فالشعوب تُبنى، والشعب ليس أنا وأنت، هو ليس مجموعنا، هو شخصية تختلف عن مجموعنا، ولها من الطاقات ما يفوق حدودنا. فما هو الشعب؟!

الشعب هو كائن يختلف عن أفراده، قد يكون على صورتهم، له عقل وعين ويد وقدم و..و...و. لكن ليس معنى وجود البشر وإن زاد عددهم أن الشعب موجود، فالناس كثر يحيطون بنا ونحيط بهم، لكنهم ككتلة لحم متكدسة مطموسة الملامح، كصلصال لم يتشكل بعد؛ ليس كل تجمع بشري هو شعب، بعض التجمعات أورام أو دمامل، فالناس ليسوا موزعين بنسق يصنع كائناً يدعى "الشعب".. العبرة بكيفية توزيع الأفراد في ذلك الكيان الجديد المدعو "الشعب"..

فهناك مجموعات من أهل العلم والفكر تتكثف لتصنع عقله، ومجموعات من أهل الروح يتكثفون كقلبه يضخ فيه القيم، ومجموعات تعمل كالشرايين التي تمد كل نسيج فيه بالخدمات التي بها تنتعش الحياة، ومجموعات تعمل كعين الشعب، ترسم الرؤى وتحدد المسارات، ومجموعات تعمل كالأظافر تحمي أصابعه، وكالرموش تذود عن عينه.

الآن يولد الشعب، ها هي ملامحه تتضح، ها هو يتشكل قطعة قطعة. ويُنشأ خلية خلية..
ولكل شعب هيئته، فشعب راقص سيحتاج إلى الاهتمام بساقيه ليفتن ويغري، وشعب عالِم سيهتم بعقله وعينه ليبدو في أبهى حلة، وشعب يسعى للتغيير سيحتاج إلى بنية مفتولة، عقل متقد وعين حادة، ويد مشدودة، وأرجل قوية، وشرايين قادرة على تحمل أعباء هذا الجسد.. وقلب نابض تزلزل دقاته الخصوم. وهكذا يبنى الشعب ككيان مستقل عنا، ونختار لأنفسنا أدوراً في ذلك الكيان!!

وعندما يوزع الناس بشكل دقيق، وفق ميولهم والأدوار التي يرغبون في القيام بها، على كل شخص حينها أن يلزم موقعه، فأهل الفكر يطورون الفكر ويحاسبون .. ماذا قدموا من فكر؟! وأهل الرؤية يعكفون على صناعة الرؤى ولا يغادرون وجه الشعب كي لا يبدو أعور، عليهم أن يزيدوا عينيه اتساعاً وجمالاً، وأهل البأس والتنفيذ يقوون عضلاتهم فيُرى شعب مهيب، هكذا يعكف كل إنسان على دوره.. حينها سنجد كياناً مذهلاً يُدعى الشعب.. وهذا الكيان بطبعه تتفاوت فيه درجات البذل والمعاناة والمغانم والمغارم بحسب الدور والموقع من الجسد!!

ولا ينبغي أن يحاول كل فريق أن يشد الآخرين له، أو يسفه أحد دور الآخر، فتعتب القدم على العين أنها تنظر للأمور من عل وأنها لم تتلطخ بالوسخ، هل يُعقل أن تترك العين موقعها لتقوم بدور القدم ويُطلب منها أن تحمل الجسد؟ أو توضع القدم بديلاً للعين فتطمس الرؤية؟! فكل لو دوره المؤهل له.. القدم تحمل الجسد والعين تقود خطى القدم، وأي اضطراب في الأدوار سيؤدي إلى اضطراب في هيئة الشعب.. وسنعود للسؤال من جديد .. أين الشعب؟!

عندما يقول لك أحدهم.. الشعب لا فائدة فيه، سله مباشرة، ما هو موقعك في هذا الشعب وما وظيفتك؟ فأغلب من قابلتهم كانوا يسبون ويرمون الشعب بأقذع الألفاظ، يبدو أنه تم تركيب أغلبهم خطاً في المؤخرة!! فيرون أسوأ ما يقدمه الشعب!!


***

ذكرني هذا المقال - والذكرى تنفع المؤمنين - بالجسد الواحد .. لا يكتمل كله إلا بتوائم وتوافق عمل كل جزء مع الآخر

February 26, 2011

روشتة سياسية

هذه الروشتة السياسية قدمها الكاتب طراد بن سعيد العمري - الكاتب في جريدة الحياة السعودية - لحكامنا العرب ..
مقال أعجبني أحببتُ مشاركتكم قراءته

***

أتوجه بمقالي هذا إلى الحكام العرب فقط. هذه نصائح مستمدة من أحداث تونس ومصر، ووصفة سياسية يمكن لك أيها الحاكم العربي أن تقرأها وتحفظها عن ظهر قلب وأتمنى أن تطبقها وألا توكل مهمة تنفيذها لأحد.

أولاً: لا تقل للشعب يوماً في أي من خطاباتك «شعبي» أو «أبنائي وبناتي»، فهم ليسوا كذلك، هم مواطنون ومواطنات شرفاء وليسوا شعبك أو أبناءك وبناتك، أنت لا تملكهم. عندما تقول ذلك رغبة منك في إظهار قربك منهم أو محبتك لهم أو عطفك عليهم، فأنت في حقيقة الأمر تنتقص من ذكائهم من حيث لا تدري، لأنك تبني العلاقة على أساس المحبة وتتوقّع المحبة المتبادلة، ولا يفترض في الشعب أن يحبك أو تحبهم، بل الأساس والمطلوب هو أن تحترمهم، فإن فعلت، فسيحترمك الشعب وهذا أقصى ما يمكن أن تصل إليه. اترك المحبة لأهل بيتك وامنح الاحترام للشعب.

ثانياً: تذكر أن الشباب عماد كل أمة، هم الحاضر والمستقبل، وأعرف أن معظم أفراد الشعب من الشباب، ذكور وإناث، فكن مع الشباب يكن الشباب معك. شغلهم وأشغلهم، فإن لم تفعل أشغلوك وأرهقوك. الشباب يملك طاقة مخزونة تنبئ عن نفسها في مناحٍ عديدة وبأشكال مختلفة ووسائل متعددة، فابحث عما في عقول وأذهان وخيال الشباب، هم يريدون العمل، ليس لكسب لقمة العيش فقط، بل لتحقيق الذات. بادر إلى خلق فرص عمل وبرامج تطوعية وترفيهية وأندية شبابية وميادين عامة في كل حي، إن استطعت، يتبارى فيها الشباب لإثبات أنفسهم وتحقيق ذاتهم والاستمتاع بخيالهم وأحلامهم. لا تضع بينك وبين الشباب وسيطاً أو حاجزاً، لكي تتمكن من تلمس حاجاتهم عن قرب فسوف تجدها سهلة التحقيق وقريبة المنال.

ثالثاً: كن في الطليعة دائماً وسباقاً وأسرع تفكيراً من الشعب، استبق مطالبهم بعشر خطوات ونفذ فوراً، ولا تعطي وعوداً فذاكرة الشعب، في ما لم يتم تحقيقه، جماعية ووقادة لا يقربها النسيان ولا يمسها الزهايمر ولا تصاب بالأمنيسيا. اعلم أن الحياة متغيرة بتسارع فما أن تنفذ شيئاً مما وعدت به حتى تجد مطالب ملحة أخرى. لا تستمع إلى نظريات المنظرين في الاستجابة للمطالب قطرة قطرة، ففي هذا كفنك السياسي، وكن واثقاً بأن لديك شعباً فطناً أذكى وأفهم من بعض مستشاريك ووزرائك ومدرائك وإعلامك وأجهزة الأمن. لا تنصت إلى المعيقين والمعوّقين والمحبطين من بعض التيارات ومناصري الثوابت ومناهضي التغيير والحركة الطبيعية لتقدم المجتمع، هؤلاء أشغلهم بمن ضدهم في حراك ثقافي اجتماعي ومجتمعي للتسلية والمتعة والفرجة وملء الفراغات في الصحف والقنوات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعي، أما أنت فأمسك بزمام الأمور مع الشباب نحو المستقبل، فإذا أصطلح أصحاب التيارات فسيلحقون بك وبالشعب.

رابعاً: تذكر أن البشر خلقوا مختلفين شكلاً ومضموناً، وأن الاختلاف سُنَّّة من سنن الله لن تستطيع تحويلها أو تبديلها، فلا تبتئس من الخلاف والاختلاف فهما ظواهر طبيعية وصحية، فقط أحسن إدارة ذلك الاختلاف. لا تتبرم أو تحزن أو ترفض أو تقمع أي احتجاج أو مظاهرة شعبية، فهي (أ) تأكيد لسلطتك وشرعيتك واعتراف بقدرتك على التغيير ورفع الظلم كله أو جزء منه، فالناس تتظاهر للتعبير عن تبرمها من أمر ما لمن تعترف بسلطته وشرعيته وقدرته، وفي كل هذا تأييد لك؛ (ب) التظاهر تقرير شعبي أصدق من كل التقارير التي أمامك فاقبلها وشجعها وحاسب المتسبب؛ (ج) عندما يصل الشعب إلى مرحلة الاحتجاج والتظاهر فاعلم أنه قد «بلغ السيل الزبى» فلا تتوانَ وحث السير لنجدة الشعب؛ (د) عيون العالم تسجل كل أخطاء أجهزتك الأمنية بكاميرات الجوال وتشاهدك على «التويتر» و«الفيسبوك» و«اليوتيوب»، فتجنّب من يهونون عليك الأمر أو يسطحون لك المطالب أو يستخفون بالمتظاهرين، فالمهوِّنون والمسطحون والمستخفون بمطالب الشعب هم أعداؤك فاحذرهم. سلّط أجهزتك الأمنية لمراقبة ومتابعة وزاراتك وسفاراتك وإداراتك وموظفي الخدمة المدنية، وليس الشعب. تكسب الشعب والأمن.

خامساً: اعرف جيداً أن بعض من حولك ليسوا إلا موظفين يهمهم رضاك وسعادتك، ويعلمون علم اليقين أنك بشر فيعملون كل ما بوسعهم لكي تنفرج أساريرك ويتفادون غضبك، فلا تركن إليهم مطلقاً، وتعامل معهم كزملاء للظهور أمام عدسات المصورين فقط، واعمل على تبديل الوجوه من حولك بين الفينة والأخرى لأنه بقدر بقاء الأشخاص حولك بقدر معرفتهم بنقاط قوتك وضعفك، وفي ذلك تسليم منك وانكشاف عليك، لا تثق بأي تقرير أو كلمة منهم وانظر إلى الواقع، مهما حاولوا أن يوهموك بصدق نواياهم أو اختيار ألفاظهم وتعابيرهم فهم بذلك يتبرأون من المسؤولية لكي يلقوها عليك، تخلّص منهم قبل أن يتخلصوا منك.

سادساً: اعرف أن الوزارات السيادية لم تعد الخارجية والدفاع والأمن والمالية، بل الوزارات الخدمية مثل: التعليم والصحة والعمل والبلديات، فاختر لوزاراتك وإداراتك الخدمية ذات العلاقة المباشرة مع الشعب من عامة وأبسط الناس ممن يمكن نقدهم واستبدالهم بسهولة ويسر وممن يرضون أن يكونوا خداماً للشعب ويقبلوا بتعليق شعار في مكاتبهم وعلى صدورهم يقول «وجدت لخدمتكم» ويلقنوا هذا لجميع موظفيهم ويتأكدوا من تطبيق ذلك وتنفيذه على أرض الواقع، اختر وزراء ومدراء يؤمنون بأنهم ليسوا أعلم الناس أو أفضلهم بل لأنك أنت، وليس هم، من يرغب في خدمة الشعب بكل طوائفه وأطيافة وألوانه ودرجاته الاجتماعية.

سابعاً: تخلّص مما يسمى الإعلام، الوزير والموظفون وجميع الأجهزة المباشرة وغير المباشرة التابعة لإعلامك الرسمي فهو وبال عليك، يزيد الهوة بينك وبين الشعب، ففي كل يوم يضع إعلامك الرسمي، من دون أن تشعر، غشاءً لزجاً على مسمعك عن طريق الإعلام المسموع، وعدسة رقيقة بواسطة الإعلام المرئي تحجب الرؤية عن بصرك، حتى تمسي بعد حين لا تسمع ولا ترى. الاسم هكذا، مسموع ومرئي، وحقيقة الأمر أنه غير مسموع ولا مرئي من الشعب. وفّر نفقاته وامنحه هدية للفقراء والضعفاء والمساكين فتكسب الحسنيين الدنيا والآخرة. افتح عيون الشعب على العالم واجلب العالم إلى الشعب بطوعك واختيارك بدلاً من أن يتم ذلك رغماً عنك وعن إعلامك وأجهزتك الأمنية.

ثامناً: ابتعد عن استخدام الفزاعات لتحكم بالتخويف، فزاعة العدو الخارجي أو إسرائيل أو الصهيونية؛ فزاعة اليد الخارجية: الولايات المتحدة والغرب أو إيران؛ الفزاعة الدينية: الكفار أو اليهود أو النصارى؛ الفزاعة الطائفية: الشيعة أو السنة؛ الفزاعة الاجتماعية: الليبرالية أو العلمانية أو الأصولية أو التغريب أو التطرف أو الغزو الفكري والثقافي. ارفض نظرية المؤامرة فهي فخ لك، فهذه الأساليب سقطت عند الجميع وليس لها من أثر سوى في أذهان من حولك للتأثير عليك.

تاسعاً: احذر رجال الأعمال وأهل الذهب فهم لعب ومع من غلب، يستفيدون من أي وضع في ظل أي حاكم، سيّرهم في ركابك وتحقيق مقاصدك ولا تستمع لأرقامهم وخططهم، وانظر إلى رقم وحجم ونسبة البطالة في بلدك، واعلم علم اليقين أن الرقم والحجم والنسبة الحقيقية تساوي ثلاثة أضعاف ما هو معلن. افرض غرامة مالية عليهم، سمّها جزية أو ضريبة أو رسوماً أو مسؤولية اجتماعية، أو سمّها ما شئت، وليكن حجمها بحجم نسبة البطالة ونسبة غلاء الأسعار ونسبة التضخم. لا تستمع إلى تخويفاتهم حول التضخم، وارتفاع الأسعار وهجرة رأس المال، فتلك إن صحت، أفضل من تضخم العداوة عليك، وأهون من ارتفاع الأصوات ضدك وأسهل من هجرتك أنت.

عاشراً: لا تثق بالدول الكبرى أو المنظمات الدولية مثل: مجلس الأمن أو الأمم المتحدة أو البنك الدولي أو صندوق النقد في ما يخص رفاهية وتحسين مستوى الشعب. الدول الكبرى ترقبك بعين المكر وتبحث عن مصالحها وليس لها صداقات دائمة مع الحكام، فلا تسمح لها باختطافك في أجندة خارجية تلهيك عن الاهتمام بالشعب في الداخل. كن صلباً وقوياً، أيضاً، مع المنظمات الدولية وارفض الاستماع لمطالبهم واخفض توقعاتهم، ولا تقبل تجميل أرقام النمو أو الخطط الوردية التي لا يمكن تحقيقها أو تنفيذها، فهي سم قاتل تغدر بك وتنتقص من مصداقيتك.

ما حصل في تونس ومصر فيه كثير من العبر، فاعتبروا يا أولي الألباب.

December 18, 2010

بين متآمِر ومتآمَرُ عليه .. جبهة ثالثة



عن نظرية المؤامرة التي تشده الناس حول العالم ومنذ زمن طويل ، في مقال للدكتور أحمد العمري عنوانه "بين نظرية المؤامرة ونظرية اللامؤامرة" في موقعه المتميز القرآن من أجل النهضة ، كان هذا تعليقي


لا أريد أن أبدو كالمتأرجح على حبل "نظرية المؤامرة" فستتراقص الدنيا من حولي دونما ثبات.

لكن مع كل هذا التركيز الذي تجبرني عليه دراساتي ، بعيداً عن قراءاتي النظرية في الموضوع ، أصل دائماً عند حقيقة تقول أن كل هدف يستصعب على شخص أو مجموعة أشخاص الوصول إليه سيضع له كل ما يلزم ليحققه ، وبطبيعة الحال ، كلما كبر الهدف فإن الطرق إليه والمجهود المبذول يصبح أكبر بل وقد يصبح متشعباً.

والعدو قد أصبح عدواً لأنه يريد أن يسلبني شيئاً ما ، أو يقوم من خلالي بفعل شيئاً ما ، أو يريد تعطيلي بل وأحياناً الإنهاء علي طالما أشكل حجرة عثرة في طريق هدفه أو أهدافه. وأيضاً ، كلما كان العدو أقوى كانت طرقه أقوى وأكثر فعالية.

هذه معطياتي الأولية في بداية تحليل أي مادة - وهي في أغلبها إعلامية حسب تخصصي - انتهاء بفك شيفراتها المخبأة.

يبقى على طاولتي دلائل تشير بعين الواقع إلى وجود "عدو" "متآمر" يحوم حولي في كل مكان ، لما لا وهو يملك المال ، السطوة ، الدهاء ، والأهم ، الدوافع.

هذا المقال ، بالنسبة لي ، مرآة أخرى تساعدني في النظر إلى مكاني من هذه النظرية ، ودائماً ما أفعل ذلك خشية أن أغرق إما في هلوساتها أو تجاهلها .. خاصة وأن هذه النظرية باتت هي الأخرى حجر العثرة الكبير في طريق حياتنا الطبيعية البنائة.

كل ما يفعله العدو هو استغلال أول وأفضل الفرص لينقض على فريسته وصولاً إلى "أهدافه" ، ويغلب على هذه الأهداف أنها "امتلاك القدرة المطلقة في السيطرة". وما يقوله التاريخ عبر المراجع المذهلة التي ورَدَتْ في هذا الصدد هو توثيق لاستنتاجي.

في رأيي ، المؤامرة موجودة ، ودائماً ، ولكن لن يصل أربابها إلى اللانهاية المطلقة ، فهي تخص الله سبحانه وحده ، وهذه من رحمته بنا. ورغم أنهم غير مرئيين ولا يوجد من يُشار إليه باسم ثلاثي هنا إلا أن قراءة شخصياتهم وأفعالهم ونتائجها وتحليلها واضحة وجلية. علينا أن نكون بالوعي الذي يجعلنا أن نعلم أنه رغم ضخامة هذه المؤامرة إلا أن نهايتها قد تبدء بفرد مثلي ومثلك. ودون أن نقع بين دفتي أحد الفريقين يمكن أن نكون فريقاً ثالثاً.

هناك أسباب ووسائل يستخدمها أرباب المؤامرة ، والمتشعبين في كل نواحي الحياة ، ومطلوب منا بضعة أمور كي نعيش في هدوء بعيد عن ضبابها المنتشر في كل مكان.

الإيمان بأن الله لا يطغي إنساناً على آخر ، الإيمان بأن الله قد أمد كل إنسان منا بكل الأدوات المذهلة التي تعينه في تحقيق "إرادته" ، أحدهم بالطبع سيكون "متآمر" ، والإيمان بأن فطرة هذه الأرض هي البناء وليس الهدم ، وأخيراً ، أفضل درساً نتعلمه في حياتنا يكون إما من خبراتنا أو من أعدائنا ، ليس لفعل المثل تماماً بل على الأقل من مبدء "من تعلم لغة قوم أمن مكرهم". كل ذلك سيقلل من حجم هذا الغول الذي نراه كبيراً جداً في كثير من الأوقات


وعلى ذِكر الغول، تقول قصص التراث أن الغول شخصية خرافية ليست حقيقية، وأنه صغير الحجم جداً وقبيح. لا يظهر إلا في الأماكن المظلمة، ويحرص على أن يظهر على خلفية مصباح، كي يظهر خياله ضخماً كبيراً فيخافه الناس ويهربون منه


كان هذا وصف الغول، وأيضاً وصف عدونا الضخم الذي لا نراه لكن نعلم أنه دائماً يقود ضدنا مؤامرة ما "ضخمة". فلنتقدم إلى ضوء الوعي وإنهاء أي من أنواع التبعية التي نحن غارقين فيها، سيذوب هذا الغول تدريجياً ويأخذ معه أساطيره ومؤامراته

November 25, 2010

هزيمة بلا قاع

مع قراءة عنوان هذا المقال ومعرفة كاتبه ، كان علي خلق أجواء خاصة للتمعن فيه .. وبصحبتي فنجان قهوتي


***

هزيمة بلا قاع
د. خالص الجُلَبي


في معركة حنين أمسك أبو سفيان بطنه ضحكاً على المسلمين، وهم يولون الأدبار، وقال مع قهقهة: لن يردهم سوى البحر…

ولغة أبو سفيان تلاقي نفس المصير اليوم؛ فهي تعاني من هزيمة بدون قاع. وأقرب الأشياء الثلاثة للإنسان هي: اسمه الذي به ينادى، ولغته التي بها ينطق، ودينه الذي به يعتقد، فهي أسوار الحماية الثلاثة..

والذي دفعني للكتابة أن المدير الطبي الهندي كان يتفقد ملفات المرضى عندي، فانزعج حين قرأ اللسان العربي في بلد عربي أمين، فأرسل لي يحذرني من ارتكاب مثل هذه الخطيئة الشنيعة مرة أخرى.

وقلت في نفسي: تصور أن هذا الهندي الذي يرطن باللغة الإنجليزية المكسورة، كان في بلد آخر! تصور أنه في ألمانيا ويقول لطبيب ألماني أن يتجنب الكتابة باللغة الألمانية؟!

في ألمانيا لم يكن يسمح لنا بلمس المريض (الألماني) قبل التمكن من اللغة الألمانية نطقاً وكتابة، وبالنسبة لي فقد أرسلوني إلى معهد (جوته) لتعلم اللغة الألمانية، على حسابي وليس حسابهم، فمن أراد قبض راتبه عليه أن ينطق لغتهم، أما عندنا فيُسخر من لغتنا وتنهب أموالنا! وهي ضريبة التخلف على كل حال، لأمة تعاني من الهزيمة حتى قاع اللاوعي!

قصصنا مع الهنود والنيجيريين والطليان والفيليبينيين وأهل مدغشقر ونيبال… في أرض العروبة أكثر من أن تحصى. وأذكر العديد من الحالات، ونحن نفك الاشتباك بين طبيب نيجيري ومريض سعودي، حتى لا يصلح فتقاً في المكان الغلط، أو يستأصل مرارة بدون مبرر، أو يفتح على مكان الزائدة، والزائدة قد استؤصلت! وهي كوميديا تعجز عنها مسارح أثينا أيام سوفوكليس وصولون…

وحين تبدأ الأمة تتكلم بغير لغتها، فهي تفقد ذاكرتها، كما قال توينبي عن كمال أتاتورك. قال توينبي: إن ذلك الرجل لم يفعل كما فعل النازيون مع الكتب في الساحات العامة، كما هو في ليلة برلين المشهورة مع اليهود عام 1938، أو كما فعل ملك إسبانيا فيليب مع الثقافة العربية؛ بل قام بما هو أدهى وأمر فقتل الحرف العربي بدون لمسه، حين قلب الحرف التركي من العربي إلى اللاتيني، وترك باقي المهمة للغبار والرفوف كي تلتهم كل التراث العثماني المخطوط بالحرف العربي في آلاف المجلدات خلال خمسة قرون، وبذلك أصبحت تركيا بين عشية وضحاها بدون ذاكرة! ولولا الروح الصوفية الذكية والتوقد الإيماني، لدخلت تركيا العلمانية وودعت الإسلام إلى غير رجعة، لكنها روح الإيمان التي تتقد من روح الله الذي لا تأخذه سنة ولا نوم…

وفي قناعتي أنه سوف يأتي اليوم الذي يبدأ الأتراك في مراجعة تاريخهم مع كارثة الانقطاع…

ولنتصور أنفسنا اليوم ونحن نرطن باللغة الإنجليزية المكسرة، فتختنق الأفكار باختناق الكلمات، ونبقى بدون ذاكرة.

إن اللغة هي ذاكرة الأمة، وهي اللاوعي العميق، وهي الذات… وصاحبنا الهندي لا يلام، لكن من يلام هو من استقدمه دون أن يشرط له استلام راتبه المغري بالنطق باللسان العربي.

إنه حتى اللغة العبرية تم أحياؤها، في الوقت الذي تقتل فيه اللغة العربية، في خيانة ما بعدها خيانة.

وابن خلدون تعرض لهذه الأزمة منذ أيامه، والفتح العربي يتقلص ويتراجع أمام حروب الاسترداد الإسبانية، فذكر أن المغلوب مولع بتقليد غالبه لاعتقاده بالكمال فيه، وهو ما يفعله الأطفال مع آبائهم، والعرب مع أميركا.

واللغة هي لسان الأمة في التاريخ فإن هانت، هانت لغتها، وإن سمت وارتفعت انتشرت لغتها فقرأها قوم آخرون، حتى الجن الذين جاؤوا يوماً ينصتون للقرآن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به..

ولولا القرآن لكان مصير العرب مثل مصير أهل الشيشان والدومينيكان، لكن القرآن منح الخلود للغة العربية، ولسوف تستعمل رغم تفاهة مناوئيها واضمحلال العقل العربي في بركة الضفادع… ويقول في هذا محمد إقبال إن من أراد أن يكتب وثيقة ويدفنها في الأرض فيقرأها الناس بعد ألف جيل، فليكتب باللغة العربية، فهي لغة الخلود من القرآن الخالد

September 27, 2010

نقد من أجل عودة الوعي


يحلو فنجان قهوتي اليوم بهذا المقال القادم من مشروع النهضة
مقال يستدعي التدقيق فيه وإسقاطه في معطيات حياتنا كأفراد وكمجتمع

***

جلد الذات مرض نفسي يجعل الإنسان يضخّم أخطاءه ويتلذّذ بالحديث عنها و"يعيد السكّين في الجرح" للشعور بمزيد من الألم، ويبقى يدور في هذا الفلك بسلبيّة تزيد حاله تدهوراً، أمّا النقد الذاتي الصريح فهو عمليّة واعيّة لإبصار عيوب النفس وتحديد أخطائها لعلاجها وتصحيح المسيرة.

هذه مقدّمة ضروريّة بين يدي موضوع يسلّط الضوء على بعض الجوانب غير المشرقة في وضعيّة الأمّة حين تأخّرت عن ركب الحضارة، قاصداً إبراز الجرح ليس من أجل إحياء آلامه ولكن ابتغاء تطييبه، ذلك أنّنا بين تيارين متناقضين في تقويم حال أمّتنا وعطائها، لا يرى أحدهما إلاّ السلبيّات ، ويستخلص من طرحه ألاّ أمل في الإصلاح، ويغمض الآخر عينيه عن حقائق الواقع المتردّي ويتفنّن في التفسير التآمريّ كأن كلّ شيء عندنا بألف خير لكن الأعداء يختلقون ويأفكون ويهوّلون.

لماذا تأخّرنا؟: هذا السؤال قديم جديد، كثيراً ما يواجهه المسلمون بإجابة في غاية التسطيح هي أن ذلك بسبب تخلّينا عن القرآن والسنّة ، وهذا حقّ بكلّ تأكيد بشرط أن نفهم معنى وحقيقة التخليّ بعيدا عن التفسيرات العاطفيّة الهلاميّة لهذه العبارة،فكتاب الله تعالى يحفظ ويتلى والسنة النبوية محلّ اهتمام الدارسين والملتزمين ، لكنّ تحقيق الغايات والمقاصد هو الغائب على كثير من الأصعدة ، ولننظر مثلا إلى التغافل عن تفريطنا الكبير في القيم الحياتيّة الّتي طلّقتها مجتمعاتنا منذ مدّة طويلة، فلم يعد المتديّنون يكترثون بأمر الحريّة والشورى والعدل والنّظام والدقّة والإتقان، رغم أنّها خارجة من رحم الشّريعة وأشاد بها الوحي المنزّل وحثّ عليها تماماً كشأن العبادات والأخلاق، فكيف نتقدّم في دنيا الناس ونكون شهداء عليهم ونحن نستمرئ التخلّف ونتوارث قيمه وصيغه ؟إ

إنّ إنسان التغيير والإصلاح والحضارة والشهادة يحتاج إلى عادات جديدة في حياته اليوميّة ومع محيطه، وهذا يجب أن يستند إلى منظومة معرفيّة وسلوكيّة تنقله نقلةً نوعيّة يتعلّم منها أن يأتي وظيفته وعمله في الوقت تماماً بعد أن اعتاد على التأخّر والغياب، وأن يحترم الموعد الّذي أعطاه مهما كان نوعه ، وهكذا ...

هذه النقلة ليست بالأمر الهيّن، لكنّها واجبة وضروريّة إذ من الصعب على من تعوّد اللامبالاة أن تدبّ فيه روح المسؤوليّة، ومن الصّعب على من تكيّف مع العمل غير المتقن أن ينجز أعمالاً متقنةً، ومن الصّعب على المسؤول أو الموظّف الّذي أصبحت الرشوة جزءًا من حياته أن يصبح متعفّفاً...

كلّ هذا صّعب جدّا لكنّه حتميّ إذا أردنا للأمّة أن تغادر مربّع التخلّف الحضاريّ، والّذي يجب ملاحظته بوضوح والفصل فيه بكلّ جرأة أن النّقلة الّتي نتحدّث عنها لن يحدثها الوصول إلى السّلطة، إنّما هي مهمّة التربيّة بواسطة البيت والمسجد والمدرسة ونحوها، ذلك أنّ قطاعاً كبيراً منّا يربط إحداث التغيير النفسيّ والاجتماعيّ بالتربّع على كرسيّ السلطة وإصدار التّشريعات، ورغم أهميّة الحكم الرّاشد فإنّ التجارب التاريخيّة أثبتت أنّ مناهج التغيير الناجحة هي ما صعد من القاعدة لا ما نزل من القمّة، وهي حقيقة نفسيّة واجتماعيّة أشار إليها قول الله تعالى: " إنّ الله لا يغيّر ما بقوم حتّى يغيّروا ما بأنفسهم " – سورة الرّعد 11.

فالتغيّر مرتبط بالأنفس أي بالتربيّة سلباً وإيجاباً، وليس بتغيير الحكّام، ويجدر بنا – هنا –الانتباه إلى الفرق الشاسع بين آلية الأفكار – أي التربيّة والتوعيّة – وبين آلية العضلات – أي السعي لبلوغ الحكم بأيّ ثمن –.وما دمنا نتخبّط في دائرة التخلّف ونريد الخروج منه لكن بالأساليب الّتي أنتجها التخلّف ذاته فلن نذهب بعيداً، ذلك أن أغلب الحركات الّتي تنشد الإصلاح تستصحب أمراض المجتمع وتجدّدها مثل رفع شعار الشورى والعمل بالاستبداد، وانتقاد فكرة الزعيم عند الحكومات، وهي من جانبها تقدّس الزعيم وتربط نفسها به وجوداً وعدماً.

صناعة النجاح بدل الفشل: من التقاليد السيّئة المثبّطة الّتي انتشرت في مجتمعاتنا وأصبحت من ثوابته ما نلاحظه من محاربة سياسيّة وإعلاميّة وثقافيّة للناجحين وتحطيم المتفوّقين وتهشيم رؤوس النوابغ إلى درجة أنّ هناك أنظمة وجهات ظلاميّة متعدّدة تعتبر النّجاح خيانةً عظمى وتتحرّج من كلّ إبداع علميّ وحضاريّ وتعمل على إشاعة الفشل وتتويج الرّداءة وتكريم أهلها في مجالات الأدب والفنّ والريّاضة ، فضلاً عن النشاط السيّاسيّ والعمل النّقابي والإجتماعي.

وهذا أورثنا حالة نفسيّة جعلتنا نعتاد على الوضع المقلوب ونحافظ عليه خوفاً من المفاجآت، تعضدنا فتاوى دينيّة ووصايا سيّاسيّة هي – بالضبط – ما ينبغي البداية بإصلاحه لنعود إلى الوضع الطبيعيّ، لنرى – في بلادنا العربية الإسلامية - الورود تنهال على النّاجحين واللّوم ينصبّ على الفاشلين كما هو الشأن في بلاد الدنيا، حتّى نصل – أو قل حتّى نعود – إلى نقطة الانطلاق الصحيّة فيقود أمّتنا الناجحون بدل الفاشلين، سواءً في السيّاسة أو التوجيه أو الإدارة، فقد أصبحنا تحت رحمة عقليّة العبيد – نحن الّذين شرّفنا الإسلام بالحريّة – نرضخ للأمر الواقع حتّى إذا طال علينا الأمد تشبّثنا به ودافعنا عنه وأسندناه بالمسوّغات لنبقى تحت نير الانحراف والباطل، وقد امتدّ ذلك إلى المساجد، فترى أكثر المنابر- في بعض البلاد الإسلامية - يصعدها خطباء لا يملكون من المؤهّلات سوى الاشتغال بأحكام التلاوة ومخارج الحروف – وأحكام التلاوة جزء من الثقافة الإسلامية من غير شكّ - لكنّ بضاعتهم العلمية مزجاة في الفقه والحديث والتفسير، فكأنّنا الأمّة الوحيدة الّتي تتعلّم لتقرأ بدل أن تقرأ لتتعلّم !

!! لذلك كاد الناس أن يهجروا بيوت الله وخطبها ودروسها ، وكيف يستقيم الظلّ والعود أعوج؟وأحبّ أن أذكر أنّ الّذي قاد أحداث الحرم المكّي وادّعى أنّه المهديّ المنتظر كان شابّا انقطع عن الدّراسة ! فكيف لنا أن ننتصر على اليهود والنّصارى وهم أمم يقودها العباقرة ونحن أسلمنا قوادنا للفاشلين من مثل هذا الطالب؟

الخلافة والمرض والموت: خوّفنا الحديث النبوي من " الوهن " وهو المرض أو الوباء الاجتماعي الّذي يعتري روح الأمّة فيطفئ فعاليّتها لأنّ همّها يصبح العبّ من متع الدنيا واللهاث خلف زينتها واستهلاك أشيائها، وبالتّالي رفض العطاء والتضحيّة من أجل المثل العليا والغايات النّبيلة، ومرحلة الوهن مصيبة كبرى، لكنّ الملاحظ أنّنا تجاوزناها إلى مرحلة الموت الحضاري الّذي يعني انقراض الأمّة وهلاكها معنويّاً ونفسيّاً وثقافيّاً ، ألسنا نقتني المنتجات من آخر طراز لنوهم أنفسنا أنّنا امتلكنا ناصيّة الحضارة في حين أنّ الحضارة هي الّتي تصنع المنتجات وليس العكس؟وكيف بنا في هذه الحال أن نعيد الخلافة الرّاشدة ؟ إنّها لن تأتيّ من فراغ ولا بالخوارق وإنّما تصنعها الأمّة الرّاشدة، ولا بدّ إذاً أن نعود إلى الحياة أوّلاً كفاعلين ومنتجين ومبدعين لنستطيع تخطيّ عقبة الوهن الحضاريّ الّذي جعل وقت الإنسان عندنا عبأ عليه يورث الكآبة والملل والضياع والعبث، فما فائدة أن يقتني أحدنا ساعةً غاية في الدقّة ثم لا يفعل شيئاً بوقته؟

إنّ اهتمامه منصب على الساعة لا على الوقت، وماذا تفعل السّاعة في يد عاطلة؟ وماذا قد تفعل عصا موسى – عليه السلام – في يد ضعيفة هزيلة مرتعشة؟ إن العبرة باليد الموسويّة الطاهرة الفاعلة التي يباركها الله فيحدث بها من المعجزات ما يشاء ،فإذا أمسكت بالعصا حوّلتها – بإذن الله – إلى أداة خارقة ، وكم خدعتنا – نحن المسلمين – السيوف الخشبيّة في الأيدي المتوضّئة !وبعد ، فالقضية ليست مسألة تفاؤل أو تشاؤم بل هي مسألة نقد جريء للذات يعيد لها الحياة والوعي والبصيرة لتتصالح على كتاب ربّها وسنّة نبيّها وسنن الكون والنفس والمجتمع فتعيد صياغة نفسها على كلّ الأصعدة لتستحقّ أهلية البقاء والريادة .

August 4, 2010

الشيطان يحكم



مع بعض من صفحات "الشيطان يحكم" - د. مصطفى محمود
أشرب قهوة اليوم

***

تتبارى أجهزة التليفزيون و الإذاعة و السينما و صفحات المجلات و الجرائد على شيء واحد خطير هو سرقة الإنسان من نفسه. شد عينيه و أذنيه و أعصابه و أحشائه ليجلس متسمرا كالمشدوه أمام التليفزيون أو الراديو أو السينما، و قد تخدرت أعصابه تماما، كأنه أخذ بنجا كليا و راح يسبح بعينيه مع المسلسلة،

و يكد ذهنه متسائلا: من القاتل، و من الهارب. و بين قاهر الجواسيس، و ريتشارد كامبل، و الأفيشات العارية في المجلات، و العناوين الصارخة في الجرائد ينتهي اليوم و الليلة، و يعود الواحد إلى فراشه و هو في حالة خواء و فراغ و توتر داخلي مجهول السبب، و حزن دفين كأنه لم يعش ذلك اليوم قط.

و الحقيقة أنه لم يعش بالفعل، و أن حق الحياة سلب منه، و أنه سلب من نفسه، و أخرج عنوة و ألقي به في مغامرات عجيبة مضحكة، و تساؤلات لا تهمه على الإطلاق. من الذي قتل شهيرة هانم! و لماذا تخون كلوديا كاردينالي زوجها في رواية (( الذئب في فراشي )) ؟ و أين الكنز في مسلسلة عبيد الذهب؟ و أين الحقيقة في رواية ارحمني يا حبيبي؟

و يمر اليوم تلو اليوم. و تظل هذه الأجهزة تقوم بما يشبه العادة السرية للمتفرجين، و تغرقهم في نشوات مفتعلة إلى درجة التعب، ثم تلقي بهم إلى الفراش آخر الليل منهوكي الأحاسيس، لا يدري الواحد منهم ماذا به بالضبط. لماذا يشعر بأنه مجوف تماما. و أنه لا يعيش أبدا، و أنه لا يقول ما يريد أن يقوله، و لا يسمع ما يريد ان يسمعه، و إنما هو يربط في أرجوحة تظل تدور به دورانا محموما حتى يغمى عليه تماما و ينسى ما كان يفكر فيه، و ما كان يريد أن يقوله، و ما كان يريد أن يسمعه، و ما كان يملأ منه القلب و العقل. و يتحول إلى حيوان أعجم مربوط العقل و الإحساس إلى هذه الأجهزة الغريبة التي تفتعل له حياة كلها كذب في كذب.

و هذه الظاهرة ظاهرة عالمية، بل هي من سمات هذا العصر المادي الميكانيكي الذي تحولت فيه أجهزة الإعلام إلى أدوات للقتل الجماعي.
و هو نوع من القتل الجميل الرائع. تخنق فيه العقول بحبال من حرير، و تخنق الخيالات بالعطور الفواحة. و تخاط فيه الشفاه بجدائل من شعر بريجيت باردو، و أرسولا انرس.
و كلما زادت مقاومة المتفرج لهذا الأفيون زاد المخرجون من المساحة العارية المسموح بها من صدر الممثلة و من ساقيها، و سكبوا كمية من الدم أكثر في رواياتهم، و كمية من البترول المشتعل أكثر على أعصاب الناس.

و حينما تنفجر الأعصاب في ظواهر متشابهة مثل ظاهرة الخنافس و الهيبز، و رقصات الجرك المجنونة، و أدب الساخطين و الغاضبين و اللاعنين، فهي دائما نتائج ذلك البخار المضغوط في جماهير الشباب التي قضي عليها بأن تعيش أسيرة عنكبوت الإعلام، و الأخطبوط ذي الألف اسم. الإذاعة و السينما و الجرائد. ذلك السجن ذي القضبان الجميلة من الأذرع العارية في المجلات و الروايات لتعيش معزولة عن معركة المصير و عن الإدلاء برأي في مأساة الحياة و الموت التي تجري على مساحة العالم كل يوم.

و حينما يدور الكلام عن عقار الهلوسة و الماريجوانا، و الحشيش، و الهيروين، و الكوكايين، و العصابات التي تروجه، فإنهم ينسون دائما مخدرات أكثر انتشارا و أخطر أثرا.
مخدرات تدخل كل بيت من تحت عقب الباب، و تقتحم على كل واحد غرفة نومه، و تزاحم إفطار الصباح إلى معدته و فنجان الشاي إلى شفتيه. تلك هي وسائل الإعلام التي تكاتفت فيما بينها – بتعاقد غير مكتوب – على أن تقتل الناس بقتل وقتهم، و تميتهم بالضحك و الإثارة و النكتة البذيئة، و تلك الكلمة الغامضة اللذيذة التي اسمها التسلية.
و تحت شعار قتل الوقت يقتل الإنسان، و يراق دم اللحظات، و يسفك العمر، فما العمر في النهاية إلا وقت محدود. و ما الإنسان إلا فسحة زمنية عابرة إذا قتلت لم يبقى من الإنسان أي شيء.

و مسئولية كل مفكر و كاتب أن يخرج على الخط، و يتمرد على هذا الإتفاق غير المكتوب بقتل الوقت في محاولة شريفة لإحياء وقت الناس بتثقيفهم و تعليمهم و البحث عن الحق، لا عن التسلية و إشراك الناس في مأساة مصيرهم، و إعادة كل واحد إلى نفسه و قد ازداد ثراء و وعيا لا سلبه من نفسه و سرقته من حياته، و رفع شعارات الحرية لتفسح الروح الإنسانية عن مكنونها.

على وسائل الإعلام أن تتحول من أفيون إلى منبه يفتح العيون و الأحاسيس على الحقيقة، و يدعو كل قارئ إلى وليمة الرأي و يدعو كل عقل معطل إلى مائدة الفكر، فتكون كرحلة تحشد الحماس عند كل محطة تقف عندها لا كخيمة للغاز المسيل الدموع مضروبة على الناس أو قنابل دخان تطلق للتعمية.

إن حضارة الإنسان و تاريخه و مستقبله رهن كلمة صدق و صحيفة صدق و شعار صدق. فبالحق نعيش، و ليس بالخبز وحده أبدا.
و إذا كان السؤال المطروح الآن:
ما هي صحافة اليوم؟
فهأنذا أقول لكم الجواب:
أن نقول الحق.
و أن نقول الجد.
و أن نقول المفيد و النافع و الصحيح.
و أن نحيي وقت القارئ لا أن نقتل وقته.

May 28, 2009

قهوة على العلاَّقة



ليس أجمل من هذه القصة سوى أني ، ومصادفة ، قرأتها وأنا أحتسي كوب قهوتي ..
قصة تستحق أن توضع في برواز في أجمل مكان في قلوبنا ..


تفضلوا


في مدينة البندقية وفي ناحية من نواحيها النائية ، كنا نحتسي قهوتنا في أحد المقاهي فيها.

فجلس إلى جانبنا شخص وصاح على النادل"الخادم"إثنان قهوة من فضلك واحد منهماعلى العلاقة ، فأحضر النادل له فنجان قهوة وشربه صاحبنا،لكنه دفع ثمن فنجانين ، وعندما خرج الرجل قام النادل بتثبيت ورقة على الحائط مكتوب فيها: فنجان قهوة واحد.

وبعده دخل شخصان وطلبا ثلاث فناجين قهوة واحد منهم على العلاقة ، فأحضر النادل لهما فنجانين فشرباهما ، ودفعا ثمن ثلاث فناجين وخرجا ، فما كان من النادل الا أن قام بتثبيت ورقة على الحائط مكتوب فيها فنجان قهوة واحد.

وعلى ما يبدو أن الأمر قد دام طوال النهار.

وفي أحد المرات دخلنا لاحتساء فنجان قهوة ، فدخل شخص يبدو عليه الفقر ، فقال للنادل : فنجان قهوة من العلاقة !

أحضر له النادل فنجان قهوة ، فشربه وخرج من غير أن يدفع ثمنه !

ذهب النادل الى الحائط وأنزل منه واحدة من الأوراق المعلقة ، ورماها في سلة المهملات.

طبعاً هذه الحادثة أمام أعيننا جعلتها تبتل بالدموع لهذا التصرف المؤثر من سكان هذه المدينة والتي تعكس واحدة من أرقى أنواع التعاون الإنساني.

ولكن يجب علينا أن لانحصر هذا المثال الجميل بفنجان قهوة وحسب ولو أنه يعكس لنا أهمية القهوة عند الناس هؤلاء هناك ..

فما أجمل أن نجد من يفكر بأنه هناك أناس يحبون شرب القهوة ولا يملكون ثمنها.

نرى النادل يقوم بدور الوسيط بينهما بسعادة بالغة وبوجه طلق باسم .

ونرى المحتاج يدخل المقهى وبدون أن يسأل هل لي بفنجان قهوة بالمجان، فينظر الى الحائط ويطلب فنجانه ومن دون ان يعرف من تبرع به، فيحتسيه بكل سرور، حتى ان هذا الحائط في المقهى يمثل زاوية لها مكان خاص في قلوب سكان هذه المدينة.




- شكرا مجموعة "فن" على هذه الهدية -

December 25, 2008

؟ حروب المنتديات .. من وراءها

فنجان اسبريسو ع السريع .. مرارته تشفي من الصداع لذا فهو لذيذ

مقالة ليست طويلة عن كتاب "الحقيقة في زمن الصمت" قرئتها لدى
منتدى المغرب ..

انتهيت من قرائتها مع آخر رشفة من قهوتي المرة

عنوانها "حروب المنتديات .. من وراءها" واضيف من عندي حروب المدونات وكل طاولة حوار وكل مطاولة مواجهة ما

إليكم المقال


حروب المنتديات ( من يديرها ...؟ )

تلك الحروف التي تصيغ الكلمة ..وتلك الكلمات التي تصيغ الجمل ... وتلك الجمل التي تصيغ حروباً وتسقط عروشاً ... وتذهب جرائها آلاف الضحايا ...هي نفسها التي قد تودي بقائلها إلى منصة الإعدام أو منصة الفرسان ..

ولكنها قد تكون نوراً وإصلاحاً ...كما هي السكين فقد تجعلها أداة للمطبخ في إعداد وجبة طعامك .... وقد تجعلها أداة لجرائمك ضد نفسك وضد الإنسانية ..فهل فكرت بها ..؟

أطلق جملة واحدة وإمتدح أحد المذاهب الدينية وإنتظر كيف تنهال عليك الردود تارة والقاذورة تارة أخرى ... فالشعوب العربية كانت ملوك الأدب واليوم هم ملوك قلة الأدب ولكنهم كانوا أيضا ملوك الكلام ولا زالوا كذلك ولكن الكلام ليس دائماً في مواضعه فكثيراً من الأحيان يكون كمن يضع رأسه في المكان المخصص ليضع فيه رجليه .... فهل هناك من يفرق مابين الثرى والثريا ...؟

دائماً في تلك النقاشات التي تدار على صفحات المنتديات والتي تحمل في بداياتها الحوار عن حدث قد يكون مفرحاً أو محزناً علمياً كان أم دينياً تجد دائما من يرمي بتلك القنبلة التي تحيل المناقشة إلى حرب كلامية وشتائم وزراعة للأحقاد ضد أبناء البلد الواحد أو القومية الواحدة أو الدين الواحد ..ولكنها في النهاية أما إتهام بالكفر أو بالخيانة أو .... من المذمات ولكن ألم تسأل مرة واحدة نفسك كيف تحولت إلى هذا الذي آلت إليه المناقشة ... ألا تسأل نفسك لماذا دائما تؤول إلى ما آلت إليه ومن هو المستفيد من هذا ..؟

هل قال لكم أحداً إن هذه القنبلة يرميها شخص مأجور ويسجل مناقشاتكم لتذهب إلى مصانع علماء النفس لدى أعدائكم كي يستخلصوا صيغاً وجمل تغذي شجاركم هذا تمهيداً لحروب قادمة ضدكم ...حيث يكون كل منكم يكره الآخر ... ألا تدرون إنها بداية الفتنة والتفرقة ولكن بأسلوب جديد ...؟

ألا تسألون أنفسكم لماذا يربحون حروبهم رغم إن جيوشهم هزيلة وجبانة ..؟ فهل هي بسبب إمكانياتها العالية في التسلح ..؟ ألا تعلمون إنهم يريدون أن يلغوا من أفكاركم إن الإنسان هو العنصر الفعال في كل المعارك ... إذاً فلماذا الحروب النفسية التي يقودونها والتي تهزم الجيوش قبل تهزمها الجيوش ..؟

لماذا يبقى العرب والمسلمون في صراعات دينية ومذهبية وطائفية وإقليمية ..؟ بينما أوروبا تسعى إلى الوحدة رغم تعدد أممها ... سوى الأمتين العربية والإسلامية دائمة التناحر وكيل الإتهامات لبعضهم ؟ ولماذا تسعى دول عربية وإسلامية لمهادنة إسرائيل رغم إنها لم يسبق لها إن جرحت أصبعها في حرب معها ...؟ لأنهم شاهدوكم على أوضاعكم هذه فلم يأملوا فيكم خيراً وأنتم ترمون بأخطائكم على قيادات بلدانكم ...

لقد تعودتم دائماً أن تتنصلوا من أخطائكم وتلصقونها بوجه القدر و بظهور حكامكم في السر لا في العلانية .. فمتى تعلمون إن الله هو المحاسب وليس أنتم ..؟ ومتى تعلمون إن الله متكفل بعباده الذين أطاعوه .. وجاهدوا في سبيله ..؟

كل تلك الأسئلة قد تجد لها في نفسك أجوبة ولكنها قد لا تقنعك ...وحتى إن وصلت للجواب الصحيح فإنك ستنكره رغم إقتناعك به ... لماذا ...؟

الخوف يحكمك من رأسك وحتى أخمص قدميك ومن إستخبارات بلدك الذي تعيش فيه أولئك الذين يسندون العروش ويضربون بسيف السلطان ويأكلون من مطبخ السلطان ويمسحون حذاء السلطان ويرفعون أيديهم للدعاء للسلطان في كل خطبة يجلد فيها السلطان آذان شعبه المخدوع المقهور ويهللون ويصفقون كالمطيباتية في حضرة راقصة شرقية ...أو مطربة عاطفية .. وهؤلاء هم أول من يبيعك في السلم وفي الحرب .... وقد تسأل نفسك ولكن ما مصلحة الطبقة الحاكمة في هذا ..؟

قد تظن أن الإجابة مبالغاً بها لأنها تأتي مجردة خاصة ونحن نقول حفاظاً على أجسادهم فوق عروشهم .. ولكي يوهموك بأنهم قادتك الذين أرسلهم الله لك ... ولكن أليسوا هم من البشر... من أبناء آدم .... من الناس ...إذا فلماذا تعظمهم ...ألترضي غرورهم .... السنابل المليئة تحني رؤوسها بينما الفارغة تبقى مرفوعة تلك هي حكمة الله فيما خلق من نواميس هذا الكون ... نحن نقول ... لكن هل تستوعب ..؟
تلك هي المسألة ...

November 24, 2008

مسلَّمات أبو جهل


قال لي بعض أصدقائي المشاكسين : هل حقاً أنت ترتشفين قهوتك عندما تقرئين المقالات التي تستضيفينها في مدونتك هنا؟ .. قلتُ : بالتأكيد نعم ، فأنا بعد عمل مجتهد طوال اليوم آتي في نهاية اليوم أحمل فنجان - أو قل "ماج" - قهوتي الصغير وأضعه أمامي وارتشفه بين كل هنيهة وأنا أتفصح مقالات أصدقائي المدونين وغير المدونين

وصل فنجاني إلى منتصفه دون أن أدري وأنا أقرأ مقال
هشام صاحب الكلام ، الذي أعجبني عنوانه تماماً كما أحببتُ مضمونه .. تفضلوا معي ..



المُسَلَّمَة فى علم الرياضيات هى القاعدة الرياضية المُسَلَّم بها و لا تقبل النقاش و التى تم اثباتها رياضيا بحيث يمكن استخدامها كقاعدة تبنى عليها قواعد اخرى او تحل بها المسائل الرياضية و تستخدم كذلك فى البراهين

و اذا كان مفهوم المُسَلَّمَة يمكن الاخذ به فى الرياضيات حيث لا يختلف اثنان على ان 1+1=2 فأنه من غير المفهوم ان يمتد مفهوم المُسَلَّمَات و القواعد التى لا تقبل النقاش الى العلاقات الانسانية و الاجتماعية بين البشر بحيث اصبحت هناك مجموعة من المُسَلَّمَات تأخذ شكل البديهيات و الامور المعترف بها ضمنا رغم انه لا يوجد اى مبرر منطقى لها يجبرنى على اعتبارها الاختيار الوحيد امامى او الطريق الصحيح الذى يجب ان اسير فيه

و تأخذ هذه المُسَلَّمَات مسميات متعددة مثل العرف و العادات و التقاليد الموروثة عن الاباء و الاجداد و التى يجب احترامها و اتباعها دون نقاش و تختلف هذه الاعراف و العادات و التقاليد الموروثة من بلد الى اخر بل و من اقليم الى اخر داخل نفس البلد

قد ينظر البعض الى هذه المُسَلَّمَات على انها جزء من هويته و موروثه الثقافى و الاجتماعى و الدينى رغم انها قد لا تشكل اى عمق اجتماعى او تمثل اى مفهوم ثقافى او دينى و لكنها مجرد مجموعة من الافعال و التقاليد التى تجرى بتتابع و اسلوب معين دون ان تعرف ما دلالتها و ما الهدف منها و لا تشكل سوى عبء مادى و نفسى زائد على من يقوم بها مضطرا حتى لا يتهم بمخالفة العرف و القواعد و التقاليد

قد يكون هناك تفسير او مبررلأتباع هذه المُسَلَّمَات اذا كانت نابعة مثلا من اوامر و نواهى دينية ففى هذه الحالة فهى لها مبرر منطقى و مقبول...أما اذا كانت مجرد نابعة من عادات و تقاليد و موروثات الاباء فلابد فى هذه الحالة ان اقتنع ان لها سبب منطقى وواقعى مناسب للعصر الذى نعيش فيه و الا كان فعلنا لها و حرصنا عليها هو مجرد لاننا وجدنا عليها ابائنا و نكون بهذا نضع بايدينا اغلال و نحمل انفسنا اعباء نفسية و مادية تجعـل حركتنا اصعب و حياتنا تعس و لا نختلف فى اتبعانا لها عن سلوك اهل الجاهلية الاولى الذى كان تفسيرهم لعبادتهم الاصنام التى لا تنفع و لا تضر هو ان هذا ما وجدوا عليه اباؤهم ففعلوا مثلهم

و الشىء الخطير هو اختلاط هذه المُسَلَّمَات التى ما انزل بها الله من سلطان مع الواجبات و الطقوس الدينية بسبب عدم التعمق فى الدين و انتشار الجهل و الثقافة السماعية و النقلية التى تعتمد على النقل و الاستماع و لا تعتمد على القراءة و التعمق فى الاصول مما يكسب هذه المُسَلَّمَات قدسية زائفة تجعل كل من يحاول الهروب منها و عدم القيام بها متهما بالتقصير و مخطئا خطأ لا يغتفر فى نظر شرائح كبيرة من المجتمع...هذا عن ما يلقاه من يهرب من اتباع هذه المُسَلَّمَات فما بالك بالذى يهاجمها و يسعى لهدمها ..فهو تماما كمن يسعى لهدم اصنام يقدسها اهل الجاهلية و يعبدوناها من دون الله

و للأسف رغم كون الجهل و قلة المعرفة من المسببات الاساسية لانتشار و قوة هذه المُسَلَّمَات الا ان هذه المُسَلَّمَات تجد حظها من الانتشار بين المتعلمين و المثقفين تماما كحظها من الانتشار بين الاوساط الجاهلة و الاقل تعليما و يكون هذا الانتشار احيانا بفعل سلطة الاباء و اجبارهم للاجيال الجديدة على اتباع هذه المُسَلَّمَات و احيانا بسبب القدسية الزائفة لها و فى الغالب يقوم المتعلم و المثقف باتباع هذه المُسَلَّمَات بهدف تجنب الصدام و الهروب من الاتهام بمخالفة العادات و التقاليد رغم اقتناعه التام بان هذه العادات و التقاليد ليس لها اى قيمة و لا تمثل اى شىء بل بالعكس هى ارهاق مادى و نفسى له و لكنه يقوم بها لكى (يريح ماغه من الموضوع ده خالص) دون ان يدرى انه بهذا السلوك يرسخ هذه المُسَلَّمَات و ينقلها لاجيال اخرى و يقوى من سلطتها و قدسيتها الزائفة

و السؤال الذى يهدم هذه المُسَلَّمَات من اساسها هو السؤال البرىء الذى يجب ان يوجهه اى انسان عندما تطلب منه اتباعها و هو لماذا؟ او ليه؟...ففى هذه الحالة على من يطلب منى اتباع هذه المُسَلَّمَات ان يقدم لى السبب المنطقى لها و على ان اقتنع به او لا

فانا استطيع ان اقبل ان تكون هناك مُسَلَّمة او قاعدة رياضية لكن عنما ياتى الامر للعلاقات الانسانية و الاجتماعية فلا توجد مُسَلَّمَات او قواعد مطلقة و ما يكون صالحا للبعض كعادة او تقليد ليس بالضرورى ان يكون صالحا لى و من ناحية اخرى فانا اذا كنت مقتنعا بضرورة القيام بعادة او تقليد معين بشكل ما..فهل يحق لى ان افرض هذه العادة او التقليد على ابنائى مستخدما سلطتى الابوية عليهم و فارضا عليهم رؤيتى التى اقتنع انها هى الاصح على اساس انى اعرف مصلحتهم اكثر منهم؟...بالطبع لا

كل شخص من حقه ان يكون لديه المُسَلَّمَات و البديهيات التى يقتنع هو انها صحيحية بناء على تقافته و اقتناعه و اعماله لعقله للوصول لهذه المُسَلَّمَات و البديهيات...كل شخص من حقه ان يكون لديه عاداته و تقاليده و اعرافه التى يرتاح للقيام بها حتى ان لم يجد لها تفسير منطقى

و لكن ليس من حق هذا الشخص ابدا ان يفرض تطبيق كل هذا على الاخرين

July 13, 2008

إذا فهمت الموت لن تخافه

كان لقائي الأول بالباحث نبيل حاجي نائف منذ دقائق فقط

رسم كلماته الهادئة رسماً تأملتها وأنا أرتشف فنجان قهوتي بصحبته

مقال فلسفي جدير بالقراءة والتمعن

إذا فهمت الموت لن تخافه

إن موضوع الموت من أهم المواضيع التي تقابل الإنسان على الإطلاق ، وكل إنسان فكر فيه كثيراً أو قليلاً ، فهو موضوع ينطوي على كثير من المفارقات والمتناقضات ، وهو غالباً موضوع مزعج ومؤلم

والموت ليس شراً وليس خيراً إنه انعدام القيمة ، لكن الإنسان يخشى حقاً الموت ويعده أقصى ما يمكن التفكير فيه. فهو النهاية لأي تفكير ، حيث ينعدم أي شئ بعده ، وما يميز تفكير الإنسان في هذه القضية وغيرها من القضايا ، هو درجة وعيه التي تفوق الوعي المفترض لباقي الكائنات الحية بمصيرها ، والموت ليس مؤلم وليس هناك ألم بعد الموت ، والإنسان لا يعيش موته بل يعيش موت غيره

إن مجئ الإنسان المدرك الواعي لذاته إلى هذه الحياة هو بمثابة انبثاق من العدم ، وهو أمر يذهل كل من فكر فيه بعمق ، فهذا الانبثاق من العدم والشعور بالوجود الذاتي وإدراك الكون على هذا المستوى يعني أن إعجازاً كبيراً قد تحقق

لذلك كان حدوث الموت والعودة إلى العدم أمر يصعب على أي إنسان تصوره واستيعابه وقبوله ، ورفض الاقتناع بانعدام الذات أو النفس أو الروح ، والإيمان ببقائها بعد الموت رغم أن الموت تهاية ، بمعنى أن لاشئ يحدث للإنسان بعده ، لأن وجوده المادي ( البيولوجي) والسيكولوجي سوف ينعدم ، إلا أن فكرة أن هذا "الأنا" الذي شهدنا مولده مع بداية تفاعل الطفل الصغير مع العالم حوله سوف يتوقف عن الوجود ، هذه الفكرة هي ما يثير فينا ذاك الشعور العارم بالنفور من التفكير في الموت

ويبقى من العسير للغاية الاعتقاد بأن وجودنا سيتوقف يوماً ما. أَمِنَ الممكن التفكير في أنه سيأتي اليوم الذي لا يوجد بعده "أنا"؟

لقد تسائل البعض: عندما تتوقف وظائف الجسد عن العمل ، وينقطع الوعي ، وتتلاشى لحظات الحيوية من جسد ملأ الدنيا صخباً ، عندها .. هل يختفي معنى الإنسان نفسه؟

هل نحن ننتهي عندما تتحلل أجسادنا في التراب؟ هل الإنسان – كنتيجة – المحصلة لبلايين الخلايا المترابطة معاً ، أو لتلك الإشارات والرموز المجردة التي ظلت تجري بدماغه طوال عمره؟ حتى لو أمنّا بالتفسير المادي للإنسان وللتاريخ وللحياة

كيف يمكن التغلب على هذه المعضلة؟ بالتفكير النظري المجرد كما يفعل الفلاسفة. أم بالممارسة العملية المباشرة كما يفعل المهندسون؟ أم بمزيج فريد من الاثنين كما علمنا الأنبياء؟ أم أنه ببساطة لا يوجد حل لمشكلة الموت؟

وقد وجد سير جيمس فريزر أنه في معظم المجتماعات البدائية يكتسب الخلود يقيناً لا يشك فيه. فالذي يموت يبقى في الوعي ويأتي في الأحلام ويستمر وجود تأثيره ، وعند حدوث موت المقربين ، يتغير نمط أو طريقة الاتصال بهم ، فهم مازالوا موجودين خالدو الروح. فالإيمان بخلود الروح (أو النفس) يصعب التشكيك به فمن الصعب جداً تصور فناء وانعدام الروح. لذلك كان الإيمان القوي (أو التحمي) بعدم فناء الشامل ، فالروح ستبقى

إن رؤية الذين ماتوا في الأحلام والتكلم معهم هو من أهم العوامل التي إلى الإيمان ببقاء أرواحهم ، وأن الموت لا يقضي على روح الإنسان. فها هي تعود بعد الموت في الأحلام

فالموت باعتباره أحد الانشغالات العميقة للذات البشرية كان ولا يزال مصدر تلك الشرارة التي تؤجج في الوعي الفردي والجماعي شعلة البحث عن المعرفة

يقود التأمل في مشكلة الموت الإنسان للتفكير في قضايا فلسفية كبرى ترتبط بتساؤلات – مريرة في ومتشائمة في أغلب الأحيان – عن معنى الوجود ، مغزى الحياة ، الهدف من البقاء ، وهل توجد حياة أخرى بعد الموت أم لا؟

إنها الأطر الثابتة لما يمكن تسميته الوعي الديني في الإنسان ، الجذر العميق في كل فرد ، يلتصق به لحظة ولادته لكونه عضواً في "النوع الإنساني" دون أن يملك اختيار ذلك

من كل المصاعب التي يواجهها الإنسان تنتصب مشكلة الموت أمام وعيه ، تتحدى قدراته ، تهز كيانه ، وتشكك في قدرته على الوجود. يبحث هذا المخلوق البائس عن منفذ ليهرب من المأزق الذي انتهى إليه فلا يقدر. الإنسان يطمح إلى تحدي الموت فيفشل كل مرة ، فالموت هو اللغز الأكبر في حياة البشر .. المعضلة التي أعيت الفلاسفة والمفكرين والقادة والعامة

وتاريخ مشكلة الموت هو قصة المحاولات التي بذلت للتأكيد على أن الموت – كما يود الإنسان أن يعتقد وكما تؤكد الأسطورة والأديان – ليس نهاية مطلقة ، وأن البقاء بعد الموت ليس وهماً. والآن يظهر التشكك المتزايد في هذه التأكيدات المعتمدة. وترتبط مشكلة الموت عند الكثيرين بمشكلة الشر. وعندما يأخذ عقل الإنسان في ربط هذه الإشكاليات بعضها ببعض تنبثق الممارسات الأولى لفعل التفلسف

متى اكتشف الإنسان أنه سوف يموت لا محال؟

كل الكائنات الحية لا تعرف أنها سوف تموت ، فقط الإنسان عرف أنه سوف يموت حتماً.

يقول "اونا موتو" إن مشكلة الموت هي المشكلة الفلسفية الكبرى ، واكتشاف الموت هو الذي يدل على مرحلة النضج العقلي للإنسان ، وأن الوعي بالموت يمضي جبناً إلى جنب مع الاتجاه الإنساني نحو الفردية ومع قيام الفردية المميزة

إن الحياة الواحدة للجماعة أو القبيلة تمتد على نحو متصل عبر موتاها ، كما تمتد من خلال الأحياء من أبنائها ، فالموتى من الجماعة تظل جزء من الجماعة مثلهم مثل الأحياء ، لهم تأثيرهم الكبير وأحياناً أقوى من تأثير أحياء الجماعة

والشرط الضروري الآخر لمعرفة حتمية الموت هو نشأة التفكير المنطقي السببي ، فهو الذي سمح للإنسان بأن يصل من الأحداث العديدة التي استطاع أن يلاحظها إلى قاعدة عامة أو قانون قوامه "أن البشر جميعاً يموتون"

ومن أقدم الوثائق المعروفة لنا حول الموت هي ملحمة جلجاميش. لقد اكتشف جلجاميش أنه سيلقى نفس المصير الرهيب لرفيقه الحبيب "أنكيدو" أي الموت أو النوم الأبدي. وكان كتاب الموتى (حوالى 3500 ق.م.) يتناول رحلة الروح في دار الخلود باعتبارها يقيناً حقيقياً وباعث على البهجة

ان الموت كفناء شامل يشكل مرحلة متأخرة من مواجهة الإنسان للموت. وتأكيداً لذلك هناك الكثير من البشر لا يزالون يعتقدون اعتقاداً جازماً في الحياة بعد الموت

عندما يتحقق الإنسان من أن الموت هو فناء شامل يغمره شعور بعبث الحياة بقوة لا مثيل لها ، فإذا كان الإنسان سيبقى عدم عبر الأبد كله فأي منفعة أو غاية لمن يتعب ويسعى

بوجود الموت كفناء شامل تصبح الحياة عبث لذلك سعى الإنسان وكذلك الأديان والمجتمعات لإعطاء معنى للحياة

على الرغم من أن الموت لحن سائد في كل البقاع المتوحشة التي استوطنها البشر في أصقاع الشمال وصحارى الجنوب وفي الشرق القديم والغرب البري المكتشف حديثاً ، إلا أن قلة محدودة استطاعت أن تطاول ببصيرة نافذة السر الأعظم الذي يكمن في فلسفة حيوية لا تعرف التشاؤم قوامها أن الحياة فعلاً تستحق أن تُعاش ، وأننا مهما طال بنا الزمن ندب على ظهر هذه الأرض فنحن في حتماً في النهاية مغادرون. أإلى عالم آخر؟ أهي بداية الطريق الآخذ بنا صعوداً نحو الفردوس المفقود؟ أم أنها مملكة تحت الأرض شديدة الظلمة كما تصورها الإغريق حيث تنتفي – للأبد – الحساسية الإنسانية الفريدة القادرة على تذوق الألم واللذة؟

قال ليون برنشفيك: "لقد مات رجلاً عرف أنه سيموت زمناً طويلاً" .. عندما قرأتُ هذه الجملة – وكان هذا منذ حوالي 40 عاماً – أثّرت فيّ كثيراً وهزت كياني ، مع أن الكثيرين يجدونها شيئاً عادياً وطبيعياُ وبديهياً وليس فيا شئ غريب ، والمؤثر أكثر أن برنشفيك الذي عرف وأدرك ذلك ، مات

إن موت كل منا حتمي ولكن أغلبنا لا يستطيع تصور حدوثه ، ففناء الروح أو النفس غير معقول حتى "كانت" لم يستطع تصوره ولم يقبل به

إن درجة تطور الوعي في الإنسان ومقدار شعوره بقضية الموت دون شك مشكلة وجودية بالدرجة الأولى لأنها ترتبط بعالم الفرد الداخلي ومدى إضائته لدنيا اللاوعي عبر الإدراك الواعي للقضايا الشخصية ، والاستنتاج العام الذي يمكن التوصل له أن مشكلة الموت تتناسب طردياً مع درجة الوعي الذاتي بالنفس

فالوجود وجد عندما وجدت أنا – أو كل منا – وبزوالي عند موتي سوف يزول هذا الوجود ، هل هذا ممكن أن يتصوره ويقبل به أحد منا؟ هل هذا معقول؟ ومع ذلك سيحدث فعلاً ، وهذا ما يهز الكيان

لقد تعامل البشر مع قضية الموت بطرق كثيرة ، وقد حققوا المطلوب في أغلب الأحيان ، وهو القناعة الفكرية والرضا النفسي ، وأهم هذه الطرق

1
القبول بموت مؤقت مثل النوم يكون هناك صحو بعده ، وقد تبنى هذه الطريقة الأغلبية ، فالحياة هي اختبار وهناك بعد الموت الحياة الأبدية

وآمن البعض الآخر ببقاء الروح ولكن مع تغييرها للجسد عند الموت الذي يكون للجسد فقط "بالتناسخ"

2
وقام البعض بالانتماء إلى بنية أكبر وأشمل وأطول عمراً تبقى بعد زواله ، فهناك من يؤمن بأنه جزء من هذا الوجود أو بوحدة الوجود ، أو غير ذلك كحزب أو جماعة .. أي يؤمن ببنية أوسع منه ينتمي إليها وتبقى بعده ، وهؤلاء قبلوا بموتهم وهم يؤمنون بأنهم سوف يبقون كجزء من هذا الوجود في مكان وزمن معين ، كجزء من البنية التي ينتمون إليها ، وكان مبدأ غالبيتهم عميل منيح وكب بالبحر فلا يصح إلا الصحيح أو اعمل واجبك تجاه الذي تؤمن به ، وحققوا بذلك الرضا الفكري والنفسي

3
وقام البعض بتناسي ذلك أو عدم التفكير به والانخراط في الواقع والبحث عن اللذة والسعادة وتحاشي الألم والعيش كوجود فردي ذاتي فقط ، وقد فعل ذلك كثير من الفلاسفة ، فكان يقول كلاً منهم: عندما أكون موجوداً يكون الموت غير موجود ، وعندما يوجد الموت أكون أنا غير موجود لذلك لا يهمني موتي ، فقد أغمض عينيه وتناسى الموت ، والكثيرين من غير المؤمنين ببقاء الروح يفعلون ذلك

4
وهناك من لم يقتنع بحتمية الموت وأخذ يسعى للتغلب عليه ، وكل حسب وضعه وامكاناته ، فقد بحث الكثيرون عن إكسير الحياة وبذلت ملايين من ساعات التفكير والعمل والتجارب ضمن الخيارات المتاحة المتواضعة للوصول إلى إكسير الحياة وقهر الموت ولم يتحقق شئ

والآن مازال الكثيرون يعتبرون أن الموت يمكن تأجيله أو القضاء عليه

فقد جرب التبريد للاحتفاظ بالجسم أو الدماغ فقط لمدة طويلة دون تلف ريثما يتم التوصل إلى معالجة أسباب الموت ، وفكر آخرون بنقل وعي وأحاسيس وذاكرة الإنسان إلى الأجهزة والبنيات الالكترونية التي يمكن إصلاحها أو تبديل الذي يتلف منها وبالتالي الإبقاء على ذات الإنسان متوضعة ضمن هذه الأجهزة وإلى أزمان غير محددة

والكثير من علماء البيولوجيا يعتبرون أن الموت له دور ووظيفة هامة يؤديها وأنه كان من الممكن أن لا تموت الكائنات الحية أو تعيش فترات طويلة. وقد لوحظ أن غالبية الكائنات الحية تعيش فقط للفترة الكافية للنضوج والإنجاب والكافية لاستمرار النوع

وكذلك وجد أن الخلايا الحية تموت بعد فترة زمنية محددة فهي مبرمجة فزيولوجياً على ذلك ويمكن من الناحية النظرية التحكم بهذه البرمجة وجعلها تعيش لفترات زمنية غير محدودة
وفي رأي البعض يمكن قهر الموت في المستقبل

يبقى لي أن أسجل ملاحظاتي

العمق الفلسفي في المقال يعطيك مزيجاً غريباً بين الفلسفة العقلية المجردة وبين إعجاز الله في خلقه وهذا ما شدني منذ الجمل الأولى ، لكن لدي ما أشير إليه ولو من بعيد

يقول المقال أن الكائنات الحية - غير البشر والنباتات - لا تعرف الموت وفي ذات الوقت نعلم أنها تخاف حينما يحاصرها مكروه ، هي تشعر بالخوف يعني أن لديها حس البقاء والتشبث بالحياة والخوف من خسارتهما وهذه الخسارة نسميها الموت

باحثنا العزيز لم ينهي المقال بخاتمة تعادل بين الفكر المجرد و نتيجته ، بالنسبة لي أنا أنهيتُ آخر جملة دون أن ينتهي الاسترسال الذي أصابني وأنا أقرأ ، فالنهاية أتت - كفجأة الموت - وكأنها قطعت حبل أفكاري

في النهاية حتماً للكاتب وجهة نظره في ذلك وأنتظر حظوة أن يقرأ تذييلي كي يرد على تساؤلاتي

June 17, 2008

نزهة في عالم المعرفة مع صاحب الحدائق والروض



فنجان قهوتي هنا أشربها بكل الصمت والكثير من التأمل، فصديقي نثر على طاولتي الكثير من المفاجآت التي قد أكون عرفتُ بعضها قبلاً، لكن يحلو لي أن أعود كل بعدئذ لأتأمل من جديد وأقول سبحان الله، و .. آمنتُ بالله

من مدونة حدائق الأفكار ورياض الأنوار .. نزهة في عالم المعرفة واستكشاف الجديد أضع هنا تصينفاً كاملاً يحمل كل الموضوعات التي تتحدث عن الإعجاز العلمي الرباني

أدخلوا على رابط المدونة قبل أن تبرد القهوة

May 14, 2008

حزب الله عطل مشروع الهنود الحمر

قرأتُ هذا المقال من صديقتي منتديات معماري من الروعة ان ترتشفوا معي فنجان القهوة على كلماته


هناك محاججة لن نخجل منها وهي

من ينتقد حسن نصر الله عليه أن يكون مثله أو أحسن منه .
ومن ينتقد حزب الله عليه أن يقدم لنا البديل عن هذا الحزب!.

وعندما وهبنا الله الرأس والعقل أراد أن يُميزنا عن المخلوقات الأخرى، ويجعلنا قادة الأرض والمجتمع والحياة، لذا لابد من تشغيل عقولنا ورؤسنا ، ونجاهد ونقاوم ضد كل من يريد أن يعطل رؤسنا وتفكيرنا وعقولنا، ففكر وأجتهد أخي القارئ كي تعرف الحقيقة، وتعرف ما يدور حولك، وضد بيتك وعائلتك ومنطقتك ووطنك وأمتك ومقدساتك وتاريخك وحضارتك ومستقبل أبنك، فمن العيب أن نكون كالطفل الذي تبهره الشكولادة بدلا من ليرة الذهب، أو ورقة الصك المليونية.

فلنحذر من المغريات التي يقدمها الأعداء والقادمون من وراء الحدود والبحار والمحيطات، ويجب أن نسأل أنفسنا عندما يتقربون منّا، ونقول لماذا يقدمون لنا هذه المغريات، وما هو الثمن، ولماذا نحن دون غيرنا، أين كانوا ولماذا الآن؟.. فهذه الأسئلة البسيطة هي المحفز لرؤسنا وعقولنا كي تفكر وتجد الجواب وتحترس، وبالتالي نتمترس من أجل الدفاع عن أنفسنا وعائلاتنا وأوطاننا ومقدساتنا!!

فبالعودة إلى الموضوع اللبناني ،فلا نريد أن ندخل بتفاصيل مذهبية، لأن لو دخلنا فيها سوف نُحرج أطراف كثيرة ،خصوصا ونحن ضد مبدأ ونغمة وبرنامج ومشروع وثقافة الطائفية، لأن الحديث فيها والتنظير لها هو بمثابة خدمة مجانية وساذجة نقدمها مع سبق الإصرار إلى المشاريع الوافدة نحو منطقتنا ، والقادمة من وراء البحار والمحيطات.

فبمجرد أن تذكروا ( البحار والمحيطات) يُفترض بكم أن تعرفوا بأن هذه الجيوش والبارجات والطائرات القادمة من وراء البحار والمحيطات هي لها ثأر معنا و منّا كمسلمين وكعرب، وكمسيحيين عرب وشرقيين، وأنها حملات تأديبية لنا ، وأحيانا إبادة لنا شعارها القتل والفتك والتدمير والفتنة والإستدمار، وتحويلنا إلى عبيد، ومستأجرين في أوطاننا ومدننا وقرانا وأريافنا، وكله ثأر عن حملات أجدادنا يوم رفعوا راية الإسلام، وعبروا البحار والمحيطات نحو إسبانيا وتخوم العاصمة النمساوية فيينا، ونحو البلدان الأخرى في الشرق من أجل نشر المشروع الإسلامي أي الدين الإسلامي، وها هم قادمون لنا ولعقر دارنا، وضمن مبدأ المحافظون الجُدد ( المسيحيون المتصهينون) و الذي ينص على مبدأ الحروب الإستباقية .

فحربهم ضدنا وضد منطقتنا إستباقية، وبإصرار منقطع النظير، وضد الإسلام والمسلمين والعرب بدرجة أولى، لأنهم يعتقدون بأن عدوهم الجديد وبعد الشيوعية والإتحاد السوفيتي هو الإسلام والمسلمين ، وهذه هي الحكاية الحقيقية لجميع الحملات السياسية والعسكرية والإعلامية والثقافية ضدنا، فليست القضية أسامة بن لادن ، ولا الرئيس صدام ، وأن نفط العراق ما هو إلا هدف من الأهداف التي تخدم حربهم لوجستيا ، وبنفس الوقت هو عامل ابتزاز لأوربا ، والى دول وشعوب المنطقة من أجل أن ينخرطوا تحت راية المحافظون الجُدد ، مثلما إنخرط الهنود تحت ووراء راية بريطانيا العظمى واستخدمتهم حطبا لحروبها الاستعمارية!

فأن ماكينتهم الإعلامية عملت و تعمل ومنذ سنوات طويلة ولازالت، بل أصبحت بوتيرة عالية بعد أن أسست لها الإذاعات والصحف والفضائيات والمواقع الإلكترونية والمعاهد والمراكز، وبمختلف الألوان والأسماء الرنانة والشفافة والملائكية، وبلغات سكّان المنطقة، وبدأت تنظّر بأن الإسلام والمسلمين خطرا على العالم والبشرية، وأعطوا إلى هذه النغمة تسمية دبلوماسية هي الإرهاب والإرهابيين، والهدف هو إرهاب الشارع الأوربي والأميركي بهذا الخطر الذي صوروه للشارعين بأنه خطرا فتاكا ومدمرا كي يبقى الشارع الأميركي والأوربي مساندا لحكومات وإدارات يحركها اللوبي المسيحي المتصهين، والذي يؤمن باقتراب الساعة، ويؤمن بأن الخطر الموجود هو الإسلام والمسلمين، مقابل غياب الجبهة الإعلامية العربية والإسلامية التي تدافع عن العرب والمسلمين نتيجة خوف ورعب الحكومات والأنظمة العربية والإسلامية، وجبن وبخل رجال الأعمال العرب.

وبالتالي أصبح الإعلام الأميركي والغربي يصول ويجول في المنطقة والعالم العربي والإسلامي، أي أصبح هوالذي يغذينا ويغذي أجيالنا ، وهو الذي يصنع الأحداث والسيناريوهات، ويقدم لنا المجرمين والمتهمين ونحن نصدق ونردد وراءه ، وكذلك قدم لنا الجماعات والأحزاب والحركات التي يعتقدها هي المنقذ لنا، والتي تدربت في دوائر أصحاب المشروع الأميركي، وعلى العالم قبولها وإلا، والتي كلها تصب ضد الإسلام والمسلمين.

وبالتالي تشرعنت الحروب، وتشرعن العدوان والاعتداء ،وصولا إلى تشريع استعمال الأسلحة الفتاكة ،وحتى المحرمة دوليا ضد المسلمين والعرب، والهدف هو إرهابهم، وأن قرر الأفراد الاعتراض فهم من الإرهابيين من وجهة نظر الولايات المتحدة التي تقود هذه المرحلة ضد الإسلام والمسلمين والعرب وبامتياز ، وأن قررت الحكومات والأنظمة الاعتراض فأنها حكومات وأنظمة تدعم الإرهاب حسب المنطق الأميركي ، وأن رفضت الدول لهذه السياسات والإملاءات فهي دول تأوي الإرهابيين ، وأنظمتها من محور الشر!.

وبالتالي فهناك عملية فرز قائمة في المنطقة، فأما مع الولايات المتحدة ومن معها وضد الإسلام والعرب ، أو مع لفيف المقاومات في المنطقة والتي تحمل شعارات دينية وقومية وعروبية وهدفها الدفاع، والمتعارف عليه فلكل مقاومة عددا من الممولين والمشجعين والمعجبين، وقد يكونوا دولا وأنظمة وجماعات وأفراد، وبالتالي هي معركة بين الخير والشر، وبين قوة السلاح وقوة الإيمان، وبين الكذب والصدق!.

فالولايات المتحدة رفعت وترفع شعارات وردية وشفافة، ولكنها لم تحقق شعارا واحدا ، وكيف تحقق شعارات إنسانية وأخلاقية وعمرانية، وهي التي تنظر للإنسان المسلم والعربي على أنه قنبلة موقوتة وإرهابي، لهذا هي أعادت الدول والشعوب التي تدخلت في شؤونها إلى عصر ما قبل الدولة، والى عصر الانحطاط السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأخلاقي فيما لو أخذنا العراق وأفغانستان والصومال مثالا.



سيناريوهات أميركية لتطبيق مشروع إبادة الهنود الحُمر ضد العرب!

لهذا فالولايات المتحدة تكذب، ولن تكون صادقة مع العرب والمسلمين، والسبب لأنهم مسلمين وعرب، ولهذا هناك بوادر وإشارات توضح أن هناك سيناريوهات أميركية وغربية لتبديل سكان المنطقة أصلا، ومن خلال تطبيق السيناريوهات التي أستخدمها الرجل الأبيض ضد قبائل وجماعات الهنود الحمر في الولايات المتحدة، وضد السكان الأصليين في أستراليا ، وعندما باشروا بسلب أراضيهم وأوطانهم وممتلكاتهم، وأبادوهم تماما ،وغيروا ثقافتهم ولغتهم وتاريخهم، وتركوا بعضا منهم للأغراض السياحية فقط .

ولهذا وعلى ما يبدو أن السيناريو الأميركي في دول الخليج، وفي بعض الدول العربية قد تجسّد و هو سلب الأوطان والخيرات من أهلها الأصليين، وأن بشائر هذا السيناريو المخيف هو عندما أصبح السفراء الأميركان هم القادة الفعليين في معظم الدول العربية، أي أصبحوا هم ( الصراكيل) الذي كانوا في زمن الإقطاع والطبقات الأرستقراطية أي هم ممثلوا طبقات الإقطاع العليا في المساحات العائدة للملاك الأصلي، وهم صوته وسوطه في الحيز الجغرافي الذي يتواجدون فيه، وهذا ما دأب عليه السفراء الأميركان في كثير من الدول العربية والإسلامية!.

لهذا فأن المقاومات التي في المنطقة هي الأمل الوحيد والمتبقي في المنطقة، وهي السلاح المتبقي بيد العرب والمسلمين، فليس هناك ساترا متبقيا إلا حزب الله والمقاومات العربية والإسلامية، وهي الطوق الذي سيلتف حول رقاب البرابرة الجُدد والذين ينظرون لنا مجرد حشرات ضارة ،والذين يريدون نقل مشروع إبادتهم للهنود الحمر في أميركا، ومشروع أبادتهم للسكان الأصليين في أستراليا نحو منطقتنا العربية والإسلامية .


لذا فرحم الله من يدعم تلك المقاومات سواء كان الداعم عربيا أو أعجميا، لأنها الوحيدة التي أضعفت وأنهكت الولايات المتحدة والدول التي معها في العراق، وأفغانستان ، وستنهكها في دول أخرى مثل الصومال ، ولبنان ، وفلسطين، وغيرها من الدول التي تريد الولايات المتحدة الوصول إليها ،والعبث بداخلها وبتراثها وحضارتها ووحدتها الجغرافية والاجتماعية، وعلى الطريقة البشعة والبربرية التي أتبعتها في العراق.


لهذا فمن العيب التفتيش عن خلفية السيد حسن نصر الله المذهبية، ومن العيب التفتيش عن الأطراف التي تدعم حزب الله، وتدعم حركة حماس، وتدعم المقاومة العراقية ، وعلما المنافسة حق مشروع بين جميع المقاومات مادامت الأهداف واحدة ، فالتفتيش عن الصغائر هو مضيعة للوقت، وهي خدمة لأعداء الإسلام والعروبة والعرب والمسلمين ، فأين الضير عندما تقوم إيران بدعم حزب الله ، وأين الضير عندما تقوم سوريا بدعم حزب الله، وأين الضير عندما تُدعم المقاومة العراقية من طرف ما!.

ولماذا كل هذا الحقد، والشتم، والتكفير، والقذف ضد حزب الله وضد السيد نصر الله ، والذي جعل وزير خارجية دولة عربية كبيرة يقول عن السيد حسن نصر الله أنه شارون الجديد..!!

وجعل المفتي الأول في دولة خليجية كبيرة يقول أن السيد نصر الله وحزب الله أعداء الإسلام والإسلام بريء منهما.!!

فأين هذا الوزير وهذا المفتي من الاحتلال البغيض والجرائم اليومية التي تحدث في العراق من الجو والأرض والبحر، فهل أن من يحتل العراق هو مسلما نظيفا عفيفا، أم أنه هو الذي صنع ودعم شارون ولا زال؟

على ماذا تتباكون بالضبط؟




خطة زلزال لبنان والتي أفشلها حزب الله وأنقذ لبنان من الدمار والتدويل...!!



فهل أن التباكي لأن حزب الله سارع وأخذ زمام المبادرة، وقبل الشروع بالسيناريو الأميركي الغربي الإسرائيلي والمدعوم من بعض الأنظمة العربية، والذي كان مقررا أن يكون مطار بيروت نقطة انطلاقه الأولى؟

فهل التباكي هو على إفشال المخطط الأميركي في لبنان، وبالتالي إنقاذ لبنان من كارثة وزلزال كادا أن يقعا لولا سرعة تحرك حزب الله نحو المطار، ونحو بيروت الغربية، وقرب الشواطئ اللبنانية؟

فهل التباكي على التنين الذي أراد ابتلاع لبنان، ولكن حزب الله خطفه من فمه، وأنقذ لبنان والشعب اللبناني؟

فنعم كان هناك محططا رهيبا وعلى مراحل:

المرحلة الأولى:

كان هناك قرار بمباغتة سوريا وإيران وحزب الله والمعارضة اللبنانية بحصار بحري إلى لبنان، مع أنزال جوي في مطار بيروت واحتلاله، ونزول قوات خاصة وكوماندوز أميركي وغربي في الموانئ اللبنانية، مع تحليق كثيف جدا وليل نهار فوق سماء لبنان، ولمدة 73 ساعة مثلما حصل ضد العراق عام 1991 وتتم إبادة الأهداف المتحركة فورا، وإحراق وتدمير أي رادا يُشغل، وأي مدفع يطلق القذائف، وأي قاعدة للصواريخ تنطلق من قواعد حزب الله، وكان كل شيء بعلم قوة اليونفيل في لبنان، وبعلم إسرائيل، وحتى بعلم العماد ميشيل سليمان.


وكانت المرحلة الثانية :

هي المباشرة بالطريقة ( الهايتية) وهي إدخال الرئيس اللبناني الجديد نحو القصر بحراسة أميركية والاعتراف به أميركيا وغربيا وعربيا، مع بقاء فرقة أميركية خاصة لحراسة القصر الرئاسي ( قصر بعبدا)، وكذلك حراسة مقر الحكومة ( السراي الحكومي) من قبل القوات الأميركية والغربية الخاصة، والشروع بعزل مناطق حزب الله من جهة البحر والسماء والأرض ، والشروع بالأرض المحروقة خطوة خطوة ، مع الحرب النفسية والابتزاز ضد حزب اله.

أما المرحلة الثالثة:

من جهة الحدود السورية اللبنانية فكان مقررا أن تُغلق من قبل قوات أوربية ومعها قوات اليونفيل بعد أن تقفز واجباتها نحو الفصل السابع،وهناك إتفاق ملحق بهذا الاتجاه، وهو موقع من جميع الأطراف، ومنذ أن تقرر إرسال قوات اليونفيل إلى لبنان، ولكن الأطراف أبقته سريا، وأـن الحكومة السورية واللبنانية والإسرائيلية تعرف بذلك، مع ترك فتحات من الجهة اللبنانية فقط ، وبإشراف قوات اليونفيل التي سيكون بينها مجموعات من المخابرات الأميركية والفرنسية والغربية لتفريغ السكان المدنيين والمقاتلين من درجات صغيرة نحو سوريا ،مع إلقاء القبض على القيادات الوسطية والكبيرة في حزب الله في حالة تسللها نحو سوريا.، مع تحريك القرارات الدولية ضد سوريا من أجل أن تكون داخل علبة الكبريت!.



أما المرحلة الرابعة :

من الناحية الدبلوماسية، فلقد كان هناك قرارا جاهزا لدى الحكومة اللبنانية ( حكومة السنيورة) وهو قطع العلاقات الدبلوماسية بين لبنان وإيران ، ومطالبة الفريق الدبلوماسي الإيراني بالمغادرة،وغلق السفارة الإيرانية ، يتبعه سيناريو يتشابه مع سيناريو قصف السفارة الصينية في بلغراد أبان الحرب ضد يوغسلافيا، أي يتم قصف السفارة الإيرانية على أنه قصفا بالخطأ ،والهدف هو التدخل نحوها لمعرفة ما يدور ومادار في قبوها وفي ردهاتها السرية من قبل مجموعات المخابرات الأميركية والغربية والتي ستدخل مع فرق الإنقاذ والإطفاء اللبنانية ، والعبث بأرشيفها

وهناك معلومة أيضا بأن هناك مجموعات مواليه إلى النائب سمير جعجع كانت جاهزة للاستيلاء على السفارة الإيرانية ، وعلى نفس الطريقة التي استولت بها بعض المجموعات الإيرانية ( الطلبة) على السفارة الأميركية في طهران عام 1979.

فالمعلومات المتوفرة لدينا بأن هناك مصدر عسكري رفيع في الجيش اللبناني هو الذي سرب الخطة إلى حزب الله وباتفاق مع مصدر من الأكثرية اللبنانية رفض احتلال لبنان من قبل أميركا والغرب وتحويلها إلى قاعدة أميركية دائمة ، وبالفعل أوصل حزب الله المعلومة إلى إيران ، فقرر حزب الله الشروع بخطة الاستيلاء على المطار، والاندفاع صوب بيروت الغربية ، ومن هناك الاقتراب نحو المدن الساحلية.

وبذلك فشل المشروع الأميركي الإسرائيلي الغربي والمسنود من بعض الأنظمة العربية ،وصدق الجنرال الإسرائيلي ( زائيفي) عندما قال ما عملنا عليه بثلاث سنوات سقط بليلة واحدة.

وبذلك أنقذ حزب الله والسيد نصر الله لبنان من مخطط جهنمي ومعقد، وأنقذ لبنان من أن يحولها الجيش الأميركي إلى خارطة من الشوارع الممنوعة، والأماكن المسيجّة بالأسلاك والجدران، وأنقذها من مشروع التقسيم والتفتيت والكانتونات الطائفية والمذهبية والحزبية، وأنقذها من الأحلام التي كان يحملها البعض إلى لبنان والمجتمع اللبناني بأن يجعله بلدا للرقص والردح وعلب الليل.

وبنفس الوقت أنقذ المنطقة من كارثة القواعد الأميركية الدائمة، وأنقذ سوريا من خطر محدق، وبنفس الوقت سدد ضربة قوية للمشاريع الاستعمارية الأميركية في المنطقة!.

لهذا علينا الفخر وليس الضجر!.


ولنعلّق الخلافات السياسية والمذهبية والعقائدية من أجل أهداف سامية وعليا تهم الأمة والمجتمعات العربية والإسلامية، فليس لدينا إلا حزب الله والمقاومة العراقية والفلسطينية والصومالية وغيرها ،فهي مقاومات مشروعة ضد الظلم والعدوان والاحتلال ، والواجب على الجميع دعمها مع محاصرة الخلايا والمنظمات الإرهابية والمجرمة ،والتي هي من صنع دوائر أميركية وغربية، وبعض الدوائر العربية التي تدور في الفلك الأميركي.

فمزيدا من الانتباه كي لا نقع بالأخطاء... وكي لا نكون فريسة للإعلام العربي الممول أميركا!!!.

وكفى التشويه والتسقيط بدافع مذهبي وبدافع الحسد والغيرة!!