December 18, 2010

بين متآمِر ومتآمَرُ عليه .. جبهة ثالثة



عن نظرية المؤامرة التي تشده الناس حول العالم ومنذ زمن طويل ، في مقال للدكتور أحمد العمري عنوانه "بين نظرية المؤامرة ونظرية اللامؤامرة" في موقعه المتميز القرآن من أجل النهضة ، كان هذا تعليقي


لا أريد أن أبدو كالمتأرجح على حبل "نظرية المؤامرة" فستتراقص الدنيا من حولي دونما ثبات.

لكن مع كل هذا التركيز الذي تجبرني عليه دراساتي ، بعيداً عن قراءاتي النظرية في الموضوع ، أصل دائماً عند حقيقة تقول أن كل هدف يستصعب على شخص أو مجموعة أشخاص الوصول إليه سيضع له كل ما يلزم ليحققه ، وبطبيعة الحال ، كلما كبر الهدف فإن الطرق إليه والمجهود المبذول يصبح أكبر بل وقد يصبح متشعباً.

والعدو قد أصبح عدواً لأنه يريد أن يسلبني شيئاً ما ، أو يقوم من خلالي بفعل شيئاً ما ، أو يريد تعطيلي بل وأحياناً الإنهاء علي طالما أشكل حجرة عثرة في طريق هدفه أو أهدافه. وأيضاً ، كلما كان العدو أقوى كانت طرقه أقوى وأكثر فعالية.

هذه معطياتي الأولية في بداية تحليل أي مادة - وهي في أغلبها إعلامية حسب تخصصي - انتهاء بفك شيفراتها المخبأة.

يبقى على طاولتي دلائل تشير بعين الواقع إلى وجود "عدو" "متآمر" يحوم حولي في كل مكان ، لما لا وهو يملك المال ، السطوة ، الدهاء ، والأهم ، الدوافع.

هذا المقال ، بالنسبة لي ، مرآة أخرى تساعدني في النظر إلى مكاني من هذه النظرية ، ودائماً ما أفعل ذلك خشية أن أغرق إما في هلوساتها أو تجاهلها .. خاصة وأن هذه النظرية باتت هي الأخرى حجر العثرة الكبير في طريق حياتنا الطبيعية البنائة.

كل ما يفعله العدو هو استغلال أول وأفضل الفرص لينقض على فريسته وصولاً إلى "أهدافه" ، ويغلب على هذه الأهداف أنها "امتلاك القدرة المطلقة في السيطرة". وما يقوله التاريخ عبر المراجع المذهلة التي ورَدَتْ في هذا الصدد هو توثيق لاستنتاجي.

في رأيي ، المؤامرة موجودة ، ودائماً ، ولكن لن يصل أربابها إلى اللانهاية المطلقة ، فهي تخص الله سبحانه وحده ، وهذه من رحمته بنا. ورغم أنهم غير مرئيين ولا يوجد من يُشار إليه باسم ثلاثي هنا إلا أن قراءة شخصياتهم وأفعالهم ونتائجها وتحليلها واضحة وجلية. علينا أن نكون بالوعي الذي يجعلنا أن نعلم أنه رغم ضخامة هذه المؤامرة إلا أن نهايتها قد تبدء بفرد مثلي ومثلك. ودون أن نقع بين دفتي أحد الفريقين يمكن أن نكون فريقاً ثالثاً.

هناك أسباب ووسائل يستخدمها أرباب المؤامرة ، والمتشعبين في كل نواحي الحياة ، ومطلوب منا بضعة أمور كي نعيش في هدوء بعيد عن ضبابها المنتشر في كل مكان.

الإيمان بأن الله لا يطغي إنساناً على آخر ، الإيمان بأن الله قد أمد كل إنسان منا بكل الأدوات المذهلة التي تعينه في تحقيق "إرادته" ، أحدهم بالطبع سيكون "متآمر" ، والإيمان بأن فطرة هذه الأرض هي البناء وليس الهدم ، وأخيراً ، أفضل درساً نتعلمه في حياتنا يكون إما من خبراتنا أو من أعدائنا ، ليس لفعل المثل تماماً بل على الأقل من مبدء "من تعلم لغة قوم أمن مكرهم". كل ذلك سيقلل من حجم هذا الغول الذي نراه كبيراً جداً في كثير من الأوقات


وعلى ذِكر الغول، تقول قصص التراث أن الغول شخصية خرافية ليست حقيقية، وأنه صغير الحجم جداً وقبيح. لا يظهر إلا في الأماكن المظلمة، ويحرص على أن يظهر على خلفية مصباح، كي يظهر خياله ضخماً كبيراً فيخافه الناس ويهربون منه


كان هذا وصف الغول، وأيضاً وصف عدونا الضخم الذي لا نراه لكن نعلم أنه دائماً يقود ضدنا مؤامرة ما "ضخمة". فلنتقدم إلى ضوء الوعي وإنهاء أي من أنواع التبعية التي نحن غارقين فيها، سيذوب هذا الغول تدريجياً ويأخذ معه أساطيره ومؤامراته