June 12, 2008

إلى المدونين



بدأ التدوين منذ ما يقارب العشرة سنوات بفكرة بسيطة وفعالة ، وهي توفير صفحات متاحة للجميع كي يكتب فيها ما يشاء مع مميزات وضع الصور والصوتيات والفيديو

اليوم انتشر التدوين بشكل مذهل وقد نقول أنه أصبح لكل شخص مدونة، وكأن الناس كانوا عطشى كي يكتبوا ويعبروا عن أنفسهم

هناك مدونات راقية ورائعة وأخريات عادية وأخريات دون المستوى، ومنها ما يحمل موضوعات غريبة وجميلة ومنها ما تشكل على هيئة صحيفة أو موقع تدريبي أو تربوي أو ترى بعضهم سوقاً الكترونياً بطريقة سهلة وجديدة

يقول أهل الصحافة عن التدوين "صحافة الشوارع" نسبة إلى "أولاد الشوارع"، أي في المفهوم الصحفي هي إعلام فوضوي يصل إلى حد الشبهة لعدم وجود ضوابط وقوانين يعمل من خلالها كما صحافة القراءة والمشاهدة، هذا غير أن المدون قد يتجرأ للكتابة في المحظورات الثالوثية بل وفضح أسرار وما إلى هنالك بيد أن الصحافة التقليدية لا يمكنها فعل ذلك حتى لو أرادت

انتميتُ إلى عالم التدوين منذ السنة تقريباً، وفي هذه السنة كنتُ دائمة التنقل بين المدونات العربية والأجنبية

لم أشعر أني "بنت شوارع" على الإطلاق لأنه في نظري ما يحكم الصحفي وغير الصحفي أهدافه و مبادئه، ودليلي هو نشوء مسمى "الصحافة الصفراء" قبل التدوين بما يقارب مائة سنة من الآن، الصحفي والمذيع والمخرج وأياً كان انتمائه الصحفي هو يستطيع أن ينقل لنا ما يريد حتى لو كانت رغباته كلها "صفراء"، بمعنى أن فوضى الأخلاق وغياب الذمة كانت موجودة بعقود طويلة قبل التدوين، مما يجعل بعض التدوين مضبوط بقوانين وأخلاقيات ومسئولية تقديم الكلمة لجموع الناس

ثم عندما نعلم أن عدد المدونين فقط في العالم العربي تزايد بشكل مذهل نستطيع أن نتبنى هؤلاء المدونين ونلتقطهم من فضاءات اللامكان، حسب زعم الصحفيين الأفاضل، وإنشاء صرح تدويني رسمي يسن قوانين وبنود لهذا الوليد الجديد كي يكبر في أمان النظام الذي تنادي به الصحافة والصحفيين

ثم ما الفرق عندما أنشئ لنفسي جريدة ورقية أو الكترونية وبين أن أكتب ما أريد في مدونة؟

الخبرات الإنسانية تستحق أن تصل إلى كل الناس وطريقة ذلك سواء بالتدوين أو صحيفة حية لا تكون حكراً على أصحاب الشهادات الإعلامية - ذكرني ذلك ب "العالِم الشرعي" الذي يخول له الحديث في القرآن وعلومه وينقلها للناس مما يلغي أحقية أي آخرين غيره في فعل ذلك، وهذا غير صحيح بل وغير 

صحي. ثم إنه حتى الإعلامي ممكن أن يكتب كلام "شوارع" منمق،  فمن ذا الذي يردع عندئذ؟


الكلمة، مسئوليتنا جميعاً، كنا في أضخم مؤسسة إعلامية أو كنا في كشك تدويني صغيرعلى ناصية رصيف في آخر شارع الصحافة بنت الذوات

ليس لدي أفضل مما كتب فؤاد الفرحان حول أسباب المدون للتدوين في خمس وعشرين سبب ألخصها في أربعة تصنيفات، وطبعاً هو هنا يخصص وموضوعي هنا عام

1
لأن ديننا يشجعنا على التحدث بشجاعة
نؤمن بأن لنا آراء تستحق أن تُسمَع وعقول يجب أن تُحتَرَم ونستمتع بالحوار الهادف ولا نهرب منه
نريد أن نتناقش حول آرائنا
نرحب بتنوع الآراء والأفكار

2
المجتمعات لن تتطور حتى تتعلم احترام آراء أفرادها، ونحن نريد أن نرى مجتمعنا يتطور
للتدوين أثره القوي على المجتمعات ونريد أن نرى نفس التأثر في مجتمعنا
التدوين انعكاس لحياة أفراد المجتمع .. وها نحن ما زلنا أحياء

3
التدوين خيارنا الوحيد طالما أنّا لا نملك إعلام حُر وحتى التجمع حق منِعنا منه ، خاصة أننا منهكين ومتعبين من نفاق الإعلام "السعودي"
يكتسب التدوين كل يوم مزيداً من الاهتمام من الإعلام والحكومات .. نحن نريدهم أن ينصتوا إلينا ، نريد الوصول لكل الناس
لأن الدولة للجميع ونحن جزء منها ونحب بلدنا
لأننا لسنا أقل من مدوني المجتمعات الأخرى
لأن التدوين أداة قوية تنفع المجتمع

4
لأننا نهتم.. نفكر .. نؤثر ونتأثر
لأننا نرفض ثقافة الرعاع أو أن نكون تبعاً .. ولا نخاف شيئاً
لأننا نبحث عن الحقيقة
لأننا نفكر بإيجابية
لأننا مخلصين

*


بالنسبة لي، فأنا أدون لأسباب

اتفق مع فؤاد، وكلكم كذلك، بأن الإعلام العربي وليس فقط السعودي منافقاً تابعاً لماكينة الإعلام الأمريكي تحديداً، إنما يختص الإعلام السعودي بأنه إعلام دولة وليس جماهيري وهنا موضوع مختلف تفرد له صفحات خاصة

هذه التبعية الإعلامية وضعت في مكب النكران أموراً مهمة تسببت في تهميش قيمتها عند الناس دون أن يشعروا

ذكر الله وقيمة دينه

صلة الدين بالحياة

تجميل القيم الأخلاقية والفكرية وتقريبها لعامة الناس

قول كلمة حق يحتاجها الكثير ممن لا يقوى على قولها من الذين ينامون وأعينهم تخاف أن تنام من حروب وفقر وظلم وانتهاك عرض وأرض

تذكير الناس بما لا يُذكَر هذه الأيام

وضع العدسة المكبرة على ما خفي وكان أعظم

المساهمة في وضع الأمور في نصابها - ومن لم يستطع فـ بقلمه وهذا أضعف الإيمان

دعم كل مبدع أينما كان وبأي طريقة مُسْتَطاعة

أن نبدء نتعامَل مع "الفكرة" وليس قائلها، ونبدء نفهم فن الاستماع لرأي الآخر في فضاء العقل دون إخضاع رأيه على أرضية مجموع معارفنا وقياسه بها



أن نبدء نتحابَب نحن والآراء التي لا نوافق عليها، التي لا نفهمها، والتي نُكْبِرُ شطحاتها، دون الخوف منها. لا يُخاف على حق من مهاجِميه. ولا يُخاف من الفكرة، فهي في ميزان العقل والتدبر والمعرفة إما أنها بريئة تتوافق والفطرة الإنسانية ومنطق العقل فتثقل دفتها أو أنها ناقصة مشوبة تخف دفتها 



... وطبعاً، كل ما ذكرته بعيد عن سياسية الإعلام العربي اليوم، وأحاول كمدونة ، ككثير مثلي، أن أعوض ما تجاهله الإعلام العربي من هذه الأمور ...

وبالعودة إلى حياة المدونين اليومية وبعد كل هذا الزخم

سؤالي للمدون هل تشعر أنك ابن ذوات أو "شوارعي" وأنت تحمل مدونتك وتكتب بها رسائلك إلينا نحن القراء؟ وما تصنيف قرائك؟ .. كيف تقرأ الحياة حولك وكيف ترصها في كلمات؟

3 comments:

عين فى الجنة said...

اولا كيفك عسى ان تكونى بخير
حقيقى مدونتك ثرية وجميلة فى نفس الوقت وللاسف ضيق الوقت يحرمنى من الاستمتاع بها كما ينبغى
اما عن سؤالك للمدونيين
فأنا احيانا باشا وابن ذوات واحيانا بتاع شوارع وحرتجى
حسب الموضوع الذى اكتب عنه
لكن انا شايف انك هانم وباشا على طول
:)))
تحياتى

Me, myself, and her said...

كيفك ياراجي .. سعيدة أنا بوجودك في هذا الموضوع

كثيراً ما أشعر بالتقصير تجاه زيارة جيراني المدونين لذات السبب كثرة الانشغالات ، فأنا أرى أن لنا حقوق على بعض هو المتابعة والتشجيع الدائمين

الله يعطيك العافية ولا تنقطع عن زيارتي وسامحني أنا أيضاً على التقصير

Dr. Ahmed Wagih said...

شكراً على زيارتك لمدونتي، اما عن سؤالك عن ختان الذكور وارتباط اليهود به فهو يرجع الي ان اول من اختتن من الذكور هو أبراهيم عليه السلام وكان عمره 99 سنة ويقال انه اختتن بالقادوم!!! واخذ اليهود او العبرانيين انذاك هذه العادة عن قصة سيدنا ابراهيم ثم اخذها المسلمين بعد ذلك