January 25, 2012

سنةْ نصر يا مصر


فضلاً، شغّل الموسيقى المُرفقة









منذ عام كامل تام، وقف المصريون في ميدان التحرير كعبّاد شمس ممشوق القد نضِر الطّلة، ينظرون إلى السماء. عين واحدة تنظر وقلب واحد ينبض وليل طويل ينتظر.


يرقب الجميع بزوغ الشمس لأول مرة في تاريخ 360 مليون مصري، جيل سالف وولده، يكتبون عن هذا التوق الحميم القادم شيئاً فشيئاً، لحظة توافيها أخرى، تبْزُغُ أنواره الخجلى مترددة تحبو تشحذ خطوها بشجاعة

أَبْتَسِمُ وأخي بجانبي قلِق وآخر كنا نراه يطير في الهواء يحاول الإمساك بأطياف النور القادم

مثل اليوم من عام، سطعت أول شمس في سمائها الأولى. إذاً هو ذا شكل الشمس، وهذه الزُرقة الهادئة تلفنا، ولأول مرة، همساً فيه الخدر والتوتر، هذا هو الدفء على ما أظن، يُكثِر من عطاءه رويده رويده في أجسامنا الباردة 

  تلك هي الحرية! أهذا هو شكل الدنيا بدون كُحْل الليل وحُراسه؟ أيعقل أن يكون للشمس طعم وملمس؟ وهذا الحضن العارِم، كيف له أن يلمنا كلنا في ذراعين فقط؟

نعم. مثل اليوم صرنا الأحرار عِباد الله، مثل اليوم من سنة فك الله قيدنا يوم أن كسرناه. في مثل هذا اليوم من عام .. كانت الثورة التي رسمت أشكالنا وبدَّلَتْ أسْمالَنا وغيرت كل أحوالنا.


  والوقتُ ترك سِعاته واصْطَفَ بيننا، فلا أمسٌ بائدٌ ولا يومٌ بائتٌ ولا غد شارد. كلهم حِدانا والقِبلة واحدة. 

حتى تضاريس الأرض التي نقف عليها، تغيَّرَتْ، تَوَدّدَتْ، تَحَمَّلَتْ، تَكَرَّمَتْ بغنائم البركات إذ تطرحُ من صُلْبِها قوة وكرامة. تُخْرِجُ من باطنها فرحٌ مزهو فخور وتَسْقُط من سمائها الراقصاتُ الحور. إن لم يرزقنا الله  هذا العُرْس في عدل يسود، فمتى إذاَ؟

رويدنا. ما زال هناك بعض الظُلْمة، وإن تَوارَتْ في إحدى زوايا بيوتنا شيئ من عتْمة، و إن اكْتَمَن في قارعة السواد جلاد، لن تلْبَث الشمس أن تبعث دوائها وتطهر كل البخس والنجس. سنتعافى ولكن فلنستمر هكذا، أحراراً يقِظيْن. بعد شتاء السُبات سيأتي الربيع حتماً بألوانه وزهوره وشبابه وثَباته. 


قد غَنِيَ الناس في دورهم، على طول دهورهم. الفجرُ قد لاح، وآن أوانه الصباح. ها قد أذّن مؤذن الصحوة، أن حيوا على العِزّة .. حيوا على الحياة. وما الصبح يأتي إلا باجتهاد الليل. أما وصلتكم رسالة الله! ألا ترونه أنزل لكم سورة الليل واقتفاها بسورة الفجر، لعلكم تُبْصِروُن! آمِنوا بذلك أو تنقطع عنا هدايا السماء 

 لا يُضيمُ الله عُمّاله المخلصين، فوعد الله في القلوب يقين، وعدل الله تاج على رؤوس الصابرين.

لو كان لدى أحدكم شكٌ في أمر، فأنا لدي حاستي تشق لكم طريق البحر. لم تكن ثورة تلك التي حدَثَتْ من عام، بل كانت بوابة الحرية، ودخولكم منها كان انتصار. ألا ترون!! في مثل هذا اليوم أنتم قد دخلتم باب النصر، وما أنتم فيه الآن هو جهاد سد الباب بحديد شديد وعزمٍ  عنيد.

ألا ترون يا مصريين .. أنتم اليوم لكم مصراً، لا بل أصبَحَتْ من عام. وأنتم اليوم مصر بنيلها بأرضها وشموسها التي سطعت منذ آل فرعون حتى يوم المُنتَهى.

عطش الرمال أنا .. وأعصاب المواقد
مَن يوصد الأبواب دوني؟ أي طاغية و مارد! 
                                                         محمود درويش                                                                 


مع حبي لكل هذا الحب الذي منحته لي هذه الثورة، ولكم 

لونا
25 January 2012





No comments: