May 5, 2012

حنفضل زي ما حنا .. منهم لله اللي كانو السبب



كي تبرأ لندن من الطاعون .. حرقوها ثم أعادوا بناءها. 

و كي تنظف الصين من الأفيون الذي ينقض على الصينيين .. سوروها و عزلوا أنفسهم .. عالجوا أنفسهم ثم أعادوا بناء دولتهم التي نامت بجانبهم فترة طويلة. 


قامت اليابان بأبنائها مرّتين من أنقاض البراكين التي دمرتها

و هذه المِصْر مرِضَتْ و عُزِلَت و قَهِرَت و سُلِب أبنائها الحرية و العقل و ثروة الأرض ثلاثون عاماً، و في رأيي، أكثر من ذلك بكثير، الذين تناوبوا على اغتصابها و قهر أولادها كُثُر و غير معروف قرعة أبوهم منين منذ أيام الاستعمار الأقدم فالقديم فالقادم.

خطوة الثورة في حد ذاتها .. ثورة.
و خطوة ما بعد الثورة هي بداية عِلاج ثم فترة نقاهة قد تطولان.

إن هذا البلد الكبير كانت مُغلقة عنه عين الشمس والحياة لعقود، طفا عليها من الخبَث و الفساد ما لا حصره. و بالرّاحة أصبحت كاتمة قاتمة و كالحلزون الساكن و هو المجتهد في نقلاته لا خطو له و لا حِراك. 

للتو يا أبناء الثورة قد فتحتم النوافذ و بدأت رئات الناس و الأرض تتنفس هواءً نقياً و بعضهم لأول مرة، و هذه الشمس التي سطعت غصباً عن كائنات الظلام ستمتلكها حيث لا مَفَر و هُم بِدَوْرِهم سيهيجون كالسوس الذي شُق مخبأه. و هذا ما نراه كل يوم من بداية الثورة، يتخبطون كالعِميان الطُّرشان لا يرون و لا يسمعون إلا ما تبقى في رؤوسهم، و ها هم يكيدون لكم و يعلون الحوائط و يخطفون زينة الشباب بالسجن أو بالقتل، سيشغون و يحدثون جلبتهم التي قُضيتْ بينهم بِليْل. فالإنهاء عليكم و إعادتكم إلى جحوركم القديمة هو الغنيمة الكُبرى لهم.

من اختار أن يُفجِّر ثورة هو يسعى لِحياة جديدة و مختلفة عمّا قبلها و بالتالي عليه أن يُدرِك أن كل هذه الطاقة و الحماس و الخطط و الأفكار عليها أن تقدم نسيجاً متسقاً غير معهود يتناسب مع هذا الانقلاب البديع الذي ألْهَمَ القاصي و الداني، أي التفكير خارج الصندوق، خاصة و أن داخل الصندوق كان خانقاً و كريهاً.

لا يهم أننا الآن في عنق الزجاجة لأنه مفتوح على الهواء غير مخنوق، إذاً هي مسألة وقت و توحيد صفوف و توسيع آفاق و إقامة بِناء لا يشبه أي بناء سبقه كي يتحرر الجميع.



*"أمرٌ طبيعي"، اليسَ كذلِك؟

كي تنجح هذه الثورة، في رأيي، لا بد أن تبدء من القاعدة الشعبية التي أحدثت زوبعتها صعوداً حتى إعادة بناء مصر وليس العكس، لن تنجح ثورتكم إن بدأت من رأس الهرم، أنتم بدأتموها و أنتم أولى بحملها على أكتافكم مشياً حتى موسم الحصاد.

لا بد أن يبدء الناس كل من مكانه و يعترف الجميع أن حصيلتهم القديمة من كل شيء يشوبها الكثير من السموم التي دسها النظام السابق. وأن يبدؤوا في تقبل أفكار جديدة و يكونوا جاهزين و حاضرين لتطبيقها. 

لا بد أن يبتعد العاقِل عن أروقة السياسة لأنها هي التي تدهور الأحوال كل مرة، و عن الحزبية التي تعتبر امتداد لتأليه قديم أخرج جيلاً خائفاً مهزوزاً تابعاً غير مسئول.


 ابنِ رأيك بما تصل إليه من قناعاتك أنت و ليس من مخرجات حزب حاكِم أو رمز متبوع، و كلما ابتعدت كلما وجدتَ نفسك أصفى ذهنياً و أكثر حضوراً  بأفكارك الخاصة غير التابِعة لأحد و كلما تلمّسْتَ في ذراعك التي تشتد أنها صارت قادرة أن تبني مع السواعِد الكثيرة الأخرى حقاً و ليس هراءً إعلامياً.

لا تكترث للغوغاء الذين يطلقهم النظام السابق مسعورين على الناس لهم كل مرة طريقة في النباح و النهش و العض و الانقضاض. ربك ليس بنائمٍ و لا غافلٍ و لا ظالِم، هو يغربل الجميع حيث يمتحنُ الجميع حيث تزِرُ الوازرةُ وِزر نفسها و ما أسْلَفَتْ فقط، و هذا القانون الحق الذي نعلمه. ركز جيداً و يقيناً فيما تفعله و لا تجعل شيئاً يشوش عنك الرؤية التي باركتها هذه الثورة.


هُم يملكون السطوة و المال و الإعلام، و هل كل ما تملكه أنت أن تصدق و أن تهرول خلف مصائدهم كالمجذوب؟ 


 أراكَ تملك ما يضع كل ذلك في غلالة كيدهم. أنت الكُل و الكُثرة و العُمال و السواد الغالِب، تبور بضاعتهم إن فطنتَ أنت لخُبْث تجارتهم.



لا يظل شيء على حاله إلا القديم الجديد سبحانه، لن يظل الموت يطالكم و أنتم للتو قمتم من الأجداث تنتفضون للحياة.

التاريخ يخبرنا دائماً عن هؤلاء الذين قاموا من أنقاض الظلم منتصبين واثقين مع شيء من الترنح الذي لا يطول. مَن مات قد مات، خذوا من موتاكم رمادهم الطاهر و احرقوه في وجوه أعدائكم السوداء.


أنتم باقون فقط إن علمتم أن لكم نقاط قوة لتتعرفوا عليها و تتدربوا عليها وتنطلقوا بها، و أن لهم نقاط ضعف في مقتل إن وجدت قاتلَها. وليس العدد الكبير و العدة الكثيرة مخيفة إن كنتم الخصم الذي يملك دهاء المُحارِب. الحرب هي الخطة التي تدار بها و ليست بصفوف المقاتلين و أسلحتهم. و كثير الكلام و الصراخ كما جرت العادة هو أكثر الناس خواء و خوفاً، تألموا قليلاً و اعملوا في صمت ودهاء وتنظيم و وعي .. فقط .. لا تفرقوا .. لا تفرقوا .. لا تفرقوا.

كلامي مُكرر، أعلم. وكذا القتلُ و الخوفُ و التردد و التبعية و إلَخّاتها.



No comments: