"آرماجان يعتبر علامة فارقة في تاريخ الرسم بل وفي تاريخ المعرفة الإنسانية كلها. أعماله أكثر من متميزة. أذهلتني رسوماته التي رسمها تماماً كلوحاته التشكيلية التي أبدعها. استطاع أن يثبت للمرة الأولى أن للشخص الأعمى القدرة على تطوير قدراته التصويرية تماماً كالرسم الذي قد يقدمه أي شخص مبصر. لم يسبق أن حدث هذا في تاريخ عالم الفن التشكيلي"
بروفيسور جون كينيدي
علم النفس الإدراكي / جامعة تورونتو - سكاربورو
بروفيسور كينيدي يقصد بكلامه ، ضيف موضوعنا صاحب هذه الصورة
الفنان المبدع على غير ذي سابق إيرسيف آرماجان الذي ولد ضريراً لأسرة فقيرة من تركيا .. وفي كل مراحل عمره لم يتلقى تعليمه الرسمي أو تدريبه بما يتناسب وحالته الخاصة جداً إنما قام بتعليم نفسه الكتابة والقراءة. وهنا سنفكر فوراً في حكاية الرسم معه .. أيضاً .. كان يرسم بكلتا يديه دون مساعدة أحد وبالألوان الزيتية.
وعزيمة وطموح كهذين كان يجب أن يجانبهما استمراراً لاستكمال المشوار الذي بدأه ما يعني أنه كان يدعم ملكاته جميعها التي حباه الله بها طوال الخمس والثلاثين سنة التي مضت من عمره.
المزاجية التي تساعده في الرسم؟ - نسميها نحن "المووود" – ببساطة هو يشحذ كل الهدوء كي يبدء في لوحته كي يرسمها.
يبدء فناننا باستخدام قلم ستايلوس يحفر به خطاً مرسوماً .. وهو يحتاج لأن يشعر بأنه بداخل رسمته، فهو حين يرسم مثلاً البحر يحتار عادةً ما إذا يجب عليه ارتداء جاكيت الإنقاذ المنفوخ كي لا يغرق. وعندما ينتهي من رسم الخطوط فإنه يضع الألوان بأصابعه كل لوناً على حدى كيما تتلطخ الألوان فيما إذا وضعها مجتمعة وإلا فإن عليه الانتظار أياماً كي تجف الألوان كي يضع اللون الآخر.
هذه الطريقة في الرسم فريدة من نوعها خاصة أنه يقوم بكل ذلك بمفرده دون أقل مساعدة أو تدريب من أحد، والعجيب في الأمر هو أنه يجيد أيضاً الرسم المنظوري
ثم نأتي إلى نشاطه خلف كواليس الرسم باليدين ، فهو قد أنشأ مدرسته الفنية التشكيلية الخاصة به فيما يخص رسم البورتريهات.
طلب إيرسيف من أحد الأشخاص المبصرين أن يرسم له صورة ثم أخذ يتحسسها بيده اليسرى .. كان يقوم بتحويل ما يشعره في ورقة رسم أخرى ومن ثم تلوينها بالألوان. وبهذا فهو يقوم برسم بورتريهات لشخصيات مشهورة كزوجة رئيس تركيا والرئيس الحالي ونائب الرئيس الحالي ايضاً، وقد رسم أيضاً بورتريه لكلينتون
إيرسيف آرماجان يبلغ من العمر اليوم واحد وأربعين سنة متزوج وله من الأبناء أثنين .. وقد قام بعرض لوحاته في أكثر من عشرين معرضاً في تركيا وحدها ثم خارجها في هولندا والتشيك، وإعلامياً ظهر عدة مرات في التلفزيون والصحافة التركيين وفي برامج في الـ بي بي سي والـ زد دي إف ..
كان هذا كله ترجمة لسيرة إيرسيف الذاتية في موقعه الشخصي .. وقبل أن أودع هذه الرحلة التي سلبت كل مشاعري والله أريد أن تركزوا جميعاً على كلمة واحدة مقابل أخرى ..
ضرير منذ الولادة يقوم بكل هذه الإنجازات بمفرده
أسئلتي التي اُحدِّث بها نفسي هي
من علمه كيف تكون الأشكال وما هي لغة الألوان .. وكيف ربط العلاقة بينهما بهذا الشكل
لو عصَّبنا عينينا ثم حملنا قلماً أو ريشة .. ماذا سيكون نتاج ذلك يا ترى؟ حتى لو كان أحدنا رساماً ؟
هي الحياة .. شئ من إصرار .. وتكون كل الحياة
ألقاكم بكل الخير حيث أني أريد الآن أن أغلق أضواء غرفتي وشموعها وكمبيوترها .. ثم أريد أن أعيش هذا الفنان وأتلمَّس إبداعاته التي رأتها عيناي وقت كانت تنيرها الأنوار حولي .. أريد أن أجرب روعة الخالق سبحانه وتعالى في الآفاق التي قد نراها حتى لو أغلقنا أعيننا .. الدنيا المختلفة بأبعادها المختلفة وطعم السعادة المختلف أيضاً
لنا لقاء
4 comments:
موضوع جميل جداً
ويذكرني بقدرة الشاعر العربي بشار بن برد على الوصف الدقيق لأشياء لا يتقن وصفها المبصرون.. ويذكر ان الشاعر بن برد كان أيضاً أعمى.. يظهر أن الانسان لا يضيره أن يفقد أغلى حواسه, مادام ذا ارادة
صدقتي هي الإرادة
أضفتي لي شيئاً مهماً غاب عني أن أتحدث عنه ، يحتاج مني بن برد ، ويستحق ، أن أتجول قليلاً في عالمه حتى أصيغه بالشكل الذي قد نحتاجه أبناء هذا الزمان ثم أدونه في مساحتي المسافرة الساكنة ديجا فو
أهلاً بك دائماً هنا ..
dja vu
تحياتي
أريد أن أقول لكي أني قبل أن أقرأ حرفا من الموضوع شاهدت الصور مشاهده سريعه ولما قرأت بعدها ما كتبتيه كدت أجن
مستحيل أن يرسم مثل تلك الصور ضرير ..معقول
ولكنها الحياه كما قلتي هي شئ من الأراده بالفعل وشئ من التصميم والأصرار والعزيمه لنري بعدها كل تلك الصور الجميله من شخص ابتلاه الله بفقدان نعمه البصر
dja vu لكي كل التحيه والتقدير
شئ مذهل
لا يجد الواحد ما يقوله أمام مثل هؤلاء الناس
______
تحيـــاتي
Post a Comment