April 5, 2011

جوليانو مئير خميس الذي لا يموت



"وأنا بقي لي أن أخرِّب ..."

مقولته هذه هي أول ما خطر في بالي بعد قراءة خبر اغتياله.. كان جوليانو خميس قد قالها ممتدحاً كامل فريق عمل مسرحية "العذراء والموت" منتهياً بأنه لم يبقَ للمسرحية سوى دوره في إخراجها أو "التخريب" كدعابة، وهي المسرحية التي كانت قيد الإعداد العام الماضي في حيفا.

ولد جوليانو مئير خميس في الناصرة عام 1958م، والده صليبا خميس الفلسطيني القيادي في الحزب الشيوعي الاسرائيلي، ووالدته آرنا مئير يهودية يسارية معروفة بمواقفها المناهضة للاحتلال الاسرائيلي ودفاعها لسنوات عن حقوق الشعب الفلسطيني واهتمامها الكبير بأحوال الأطفال الفلسطينين.

كان جوليانو ممثلاً مسرحياً معروفاً في المسرح العِبري في إسرائيل قبل أن يقرر تركه للأبد، لم يكن يجد فيه إي إثراء فكري ولم يكن له طعماً ولا رائحة من الناحية السياسية والاجتماعية هذا والمجتمع الاسرائيلي لا يريد أن يسمع ولا أن يعرف على حد قوله.

استغل شهرته ونجاحه اللذين وصل إليهما لدعمه في مشواره الجديد في مدينة جِنين ليتولى إدارة "مسرح الحرية" الذي أسسته والدته هناك حيث عاشتْ السنوات الأخيرة من عمرها.

".... مسرح الحرية هو مشروع مشترك بين المقاومة الفلسطينية والتي يمثلها زكريا زبيدي وفنانين من العالم والضفة الغربية، واربط المسرح بالمقاومة، لأن المسرح ليس بديلا عن المقاومة بل جزء منها، مقاومة ثقافية خالية من العنف تحمل مبادئ إنسانية عالمية أممية؛ حرية الفرد مش قبل حرية الشعب وبالعكس، مسرح الحرية ليس مسرحًا وطنيًا لبناء دولة فلسطين؛ والمسرح يواجه المشاكل من الجانبين المخابرات الإسرائيلية ومن المجتمع الفلسطيني وهذه المشاكل تواجهنا لأننا نتحدى المشاكل والعادات والتقاليد بما يخص وضع المرأة والطفل، حرية التعبير ودكتاتورية التقاليد، ومن ناحية المخابرات مفهوم لماذا؛ فنحن نربي جيل مش مريح للاحتلال، جيل مفكر وجريء والذي نأمل أن لا يقع في الحفر الذي يحفرها الاحتلال كتلك التي حفروها قبل 7 سنوات في انتفاضة الأقصى. "



"إن كل ولد وبنت يمسك بيده قلماً أو كاميرا أو يمثل في مسرحية ما هو إلا انتصار على الاحتلال..."

كلمة كهذه كفيلة بأن تكون تخريباً كبيراً ولو قالها يهودي مناضل .. وكفيلة بأن توجه خمس رصاصات لإسكاته .. ولن يبقى لنا الكثير من الظن والتخمين حول هذين المُلَثَّمَيْن اللذين أردياه قتيلاً، من هما ومن ورائهما.

ولا أعلم كم من الشواهد يحتاج هؤلاء كي يعلموا أن قتل الفرد الواحد يبعث الثورة في قلب ألف حي يُرزَق .. وأن الموت هو صحوة لذاكرة الأحياء .. وأن يد الموت تناوِلُ يد الحياة إرث الحقيقة .. يأخذنا الموت وتظل الحقيقة بين الأحياء.

فإلى متى يظلون يقتلوننا .. ونحن لا نموت!

***

فيلم "أبناء آرنا" - كاملاً
.. إخراج جوليانو مئير خميس

No comments: