May 28, 2009

قهوة على العلاَّقة



ليس أجمل من هذه القصة سوى أني ، ومصادفة ، قرأتها وأنا أحتسي كوب قهوتي ..
قصة تستحق أن توضع في برواز في أجمل مكان في قلوبنا ..


تفضلوا


في مدينة البندقية وفي ناحية من نواحيها النائية ، كنا نحتسي قهوتنا في أحد المقاهي فيها.

فجلس إلى جانبنا شخص وصاح على النادل"الخادم"إثنان قهوة من فضلك واحد منهماعلى العلاقة ، فأحضر النادل له فنجان قهوة وشربه صاحبنا،لكنه دفع ثمن فنجانين ، وعندما خرج الرجل قام النادل بتثبيت ورقة على الحائط مكتوب فيها: فنجان قهوة واحد.

وبعده دخل شخصان وطلبا ثلاث فناجين قهوة واحد منهم على العلاقة ، فأحضر النادل لهما فنجانين فشرباهما ، ودفعا ثمن ثلاث فناجين وخرجا ، فما كان من النادل الا أن قام بتثبيت ورقة على الحائط مكتوب فيها فنجان قهوة واحد.

وعلى ما يبدو أن الأمر قد دام طوال النهار.

وفي أحد المرات دخلنا لاحتساء فنجان قهوة ، فدخل شخص يبدو عليه الفقر ، فقال للنادل : فنجان قهوة من العلاقة !

أحضر له النادل فنجان قهوة ، فشربه وخرج من غير أن يدفع ثمنه !

ذهب النادل الى الحائط وأنزل منه واحدة من الأوراق المعلقة ، ورماها في سلة المهملات.

طبعاً هذه الحادثة أمام أعيننا جعلتها تبتل بالدموع لهذا التصرف المؤثر من سكان هذه المدينة والتي تعكس واحدة من أرقى أنواع التعاون الإنساني.

ولكن يجب علينا أن لانحصر هذا المثال الجميل بفنجان قهوة وحسب ولو أنه يعكس لنا أهمية القهوة عند الناس هؤلاء هناك ..

فما أجمل أن نجد من يفكر بأنه هناك أناس يحبون شرب القهوة ولا يملكون ثمنها.

نرى النادل يقوم بدور الوسيط بينهما بسعادة بالغة وبوجه طلق باسم .

ونرى المحتاج يدخل المقهى وبدون أن يسأل هل لي بفنجان قهوة بالمجان، فينظر الى الحائط ويطلب فنجانه ومن دون ان يعرف من تبرع به، فيحتسيه بكل سرور، حتى ان هذا الحائط في المقهى يمثل زاوية لها مكان خاص في قلوب سكان هذه المدينة.




- شكرا مجموعة "فن" على هذه الهدية -

May 19, 2009

درس قاسي من قصر الجمهورية


كثيراً ما يواجهنا ظلماً أو قمعاً ما من الآخرين بشكل أو بآخر، والكثير منا تكون له إحدى ردة فعلين ساذجتين، الانتقام أو/و الشماتة في حال وقعتْ مصيبة ما على من ظلمنا ..

وقد لا ينتبه المظلوم أن أجمل ما يملكه هو وقوف الله سبحانه وتعالى بجانبه بكل ما تحمل هذه الكلمة من معاني رمزية وفعلية شكلاً ومضموناً

وحينما تلفنا مشاعر القهر والحرمان فإن ردود فعلنا تكون فورية وتلقائية ومحدودة في الأغلب لأننا نفكر في الانتقام والشماتة ..

وفي مواقف كهذه حري بي وبكل من شعر بهذه المشاعر المؤلمة أن أكون ذكياً وليس متهوراً طائشاً أي ضعيفاً ..

ففي الأولى .. مهما جمعت كيداً ومدداً كي انتقم لن يأتي ما أقدمه ذرة في انتقام الله عز وجل لي ممن ظلمني، لأنني انتقم بناء على مشاعري التي أعرفها عن نفسي فقط، والله سبحانه عندما ينتقم فإنه يعلم ما في نفس ظالمي ونقاط ضعفه وثغراته حتى أكثر من صاحبها، وهنا تستطيع أن تقول وأنت في بيتك آمناً سالماً وحتى دون أن تكلف نفسك عناء مجهود الانتقام، تستطيع أن تقول "وما رميت ولكن الله رمى" .. ستعيش لذة انتصارك اضعافها بانتقام الله وليس بانتقامك البسيط أمام قدرته

وفي الثانية .. لن يشعر أحدنا بشماتة وهو يعلم عن عدل الله وانتقامه ما يعلم .. ولن يغفل أحدنا عن دارة الدنيا التي تدورعلى كل الناس ابتداء بأنفسنا، فالشماتة ناراً تشعل صاحبها ولن تريحه وتزكي شعوره في كل مرة كي يشمت وهنا ستتحول مشاعره إلى كره وهذا شئ غير صحي وغير صحيح

أقول كل ذلك لأنني رأيت شماتة الناس أكثر من تأملهم في حكمة الله في وفاة حفيد حسني مبارك ..

شئ من التأمل بكثير من الصمت ستعلم ونعلم جميعاً أن لله في خلقه شئون لا نعلمها حتى لو بانت واضحة لنا، وما نُكْره عليه كبشر قد يكون فيه خير لنا، وما يسرنا قد يكون اختبار لنا

في بدايات العام الماضي عُرِض فيلماً في مصر يظهر من السيناريو الخاص به أنه "تلميع" لسيادة الريس كما يحب أن يسميه البعض، أو رسالة تنبيه غير مباشرة تدعو الريس للصحوة والاقتراب من معاناة الناس، لكننا سنراه اليوم من زاوية مختلفة لم نكن لنراها منذ عام

طباخ الريس .. هو فيلم يحكي عن رجل من عامة الشعب يختاره الريس ليكون طباخاً له فيبدء بنقل أخبار الشعب له، ويبدء الريس بالتفاعل مع الموضوع وينزل بدوره إلى الشارع ليرى حياة الناس عن قرب، وفي إحدى لقطات الفيلم يُطْعِم الريس وزرائه الخبز المغشوش الذي يأكله الشعب. ويحلو لي أن أضع نقطة آخر السطر هنا.

فأي درس كان هذا الفيلم عندما نعلم أن حفيد الريس مات مسموماً من وجبة أكلها خارج قصر أبيه وجده – حسب علمي -، هذه المرة أكل حفيد الريس مما يأكل الشعب. وأي درس لنا من هذه القصة كي نتعلم أن الله سبحانه وتعالى لا يترك عبده دون إنذارات واختبارات ورسائل هنا وهناك، بل وأي درس لنا كي نتعلم أننا كلنا نعيش في ظل الله ورحمته.

قد يكون موت هذا الطفل درساً قاسياً لملايين من الناس وليس فقط جده وأبيه ..

رحم الله محمدا وأسكن هذا العصفور جناته وجعله شفيعاً لأهله